وقد جاء أنَّ اللَّهَ أباحَ للنبيِّ ﷺ النِّكاحَ بعدَ ذلك، ولكنَّه لم يتزوَّجْ، وعلَّلَهُ بعضُهُمْ: أنْ تكونَ المِنَّةُ لرسولِ اللَّهِ ﷺ عليهنَّ؛ إكرامًا له وإحسانًا إليه، وقد روى أحمدُ وهو في "السُّننِ" أيضًا، عن عائشةَ ﵂؛ قالتْ:"مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ"(٢).
وقد قال بأنَّ تحريمَ النساءِ عليه نُسِخَ جماعةٌ؛ كالشافعيِّ وغيرِه، ومِن السلفِ مَن قال: إنَّ التحريمَ باقٍ عليه إلى وفاتِه ﷺ، وإنَّ آيةَ التحريم لم تُنسَخْ، ورُوي هذا عن ابنِ عبَّاسٍ (٣)، والحَسَنِ (٤)، وابنِ سِيرِينَ (٥).
ومنهم مَن قال: إنَّ المرادَ بقولِه: ﴿مِنْ بَعْدُ﴾؛ يعني: ما عَدَّهُ اللَّهُ في الآيةِ السابقةِ ممَّا أحَلَّهُ اللَّهُ لنبيِّه، فما بَعْدَهُ يحرُمُ عليه؛ ورُوِيَ هذا عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ (٦)، وقولًا لمجاهدٍ (٧).
والقولُ الأولُ أشهَرُ، وعليه جمهورُهم.
* * *
(١) "تفسير الطبري" (١٩/ ١٤٧)، و"تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٤٧). (٢) أخرجه أحمد (٦/ ٤١)، والترمذي (٣٢١٦)، والنسائي (٣٢٠٤). (٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣١٤٦)، و"تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٤٨). (٤) "تفسير ابن أبي حاتم (١٠/ ٣١٤٧)، و"تفسير القرطبي" (١٧/ ١٩٧). (٥) "تفسير القرطبي" (١٧/ ١٩٧). (٦) السابق. (٧) "تفسير القرطبي" (١٧/ ١٩٧)، و"تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٤٨).