فيَخافُ الإنسانُ على أنفَسِ شيءٍ عليه؛ لذا يَخافُونَ المُزاحَمة؛ فيَشُكُّونَ في المُصلِحيِنَ، وهكذا ظَنُّوا بالنبيِّ ﷺ بمكَّةَ، فعرَضُوا عليه المالَ والنِّساءَ، وفي "المسنَدِ"، عن عبدِ الرحمنِ بنِ شِبْلٍ؛ أنَّه قال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ يقولُ: (تَعلَّمُوا الْقُرآنَ، فَإِذَا عَلِمْتُمُوهُ، فَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ) (١).
وقد تقدَّمَ الكلامُ على الحِكْمةِ مِن نهي الأنبياءِ وأَتْباعِهم عن ذلك، عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ [هود: ٢٩].
* * *
* قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان: ٦٤].
في هذا: تعظيمُ نافلةِ الليلِ وفضلُها على نافلةِ النهار؛ حيثُ ذكَرَها اللَّهُ في خصائصِ عبوديَّةِ أهلِ الإيمانِ، ولا يخلِفُ العلماءُ على أنَّ نافلةَ الليلِ المُطلَقةَ أفضَلُ مِن نافلةِ النهارِ المطلَقةِ؛ كما قال ﷺ (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ المُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ)، رواهُ مسلمٌ مِن حديثِ أبي هريرةَ (٢).
ويأتي الكلامُ على قيامِ الليلِ، وكيفيَّةِ تقسيمِهِ في سورةِ المُزَّمِّلِ؛ بإذنِ اللَّهِ.
(١) أخرجه أحمد (٣/ ٤٤٤).(٢) أخرجه مسلم (١١٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute