وقد كان نزولُها متأخِّرًا، وليس جميعُها آخِرَ ما نزَلَ؛ وإنَّما بعضُ آياتِها، فقد كان نُزولُ أوَّلِها في فتحِ مَكَّةَ، وبعضُ آياتِ المائدةِ في حَجَّةِ الوَداع، وهو قولُهُ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [المائدة: ٣].
وقد قال عُثمانُ بن عفَّانَ: "كَانَت بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ القُرْآن"؛ رواهُ أحمدُ وأهلُ السُّنَنِ (٢).
وكان عمرُ بن الخَطَّابِ وحُذَيْفةُ يُسمِّيانِها سورةَ العَذَابِ؛ لِما فيها مِن تشديدٍ على أهلِ الزَّيْغ، ووعيدِ بالعَذَابِ العاجِلِ والآجِلِ لهم؛ كما رَوَى سعيدُ بن جُبَيْر، عنِ ابنِ عبَّاسِ ﵁، قال: "قيلَ لعُمَرَ بنِ الخطَّابِ ﵁: سورةُ التَّوْبةِ؟ فقال: أيَّة سورةُ التَّوْبةِ؟ ! قالوا: بَراءَةُ، قال: هي إلى أن تَكُونَ سورةَ العَذَابِ أدنى مِن أنْ تَكُونَ سورةَ التَّوْبةِ؛ ما
(١) أخرجه البخاري (٤٦٠٥)، ومسلم (١٦١٨). (٢) أخرحه أحمد (١/ ٥٧)، وأبو داود (٧٨٦)، والترمذي (٣٠٨٦)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٧٩٥٣). (٣) أخرجه البخاري (٤٨٨٢)، ومسلم (٣٠٣١).