جاوَزَ الإنسانُ به حَدَّهُ المشروعَ، ويقعُ السَّرَفُ على مَعنيَيْنِ:
الأولُ: في المشروعِ والمباحِ؛ فلا يجوز تجاوُزُ الحدِّ به، وهذا كمَنْ يضعُ مالَهُ في مباحٍ لا ينتفِعُ منه هو ولا غيرُهُ، فذلك سرَفٌ ولو كان قليلًا، ومنه مَن يضعُ مَالَهُ في محلٍّ ويتعطَّلُ بسببِ ذلك محلٌّ أَولى منه، كمَنْ يُهدِي الهديَّةَ مِن قُوتِ عيالِهِ الذي لا يجدُونَ غيرَهُ، فهذا جمَعَ بينَ مشروعَيْنِ: الهديَّةِ والنفقةِ؛ ولكنَّ النفقةَ أوجَبُ، فكانتِ الهديَّةُ سرَفًا؛ ولذا قال السُّدِّيُّ في معنى السَّرَفِ هنا:"لا تُعْطُوا أَمْوَالَكُمْ، وَتَقْعُدُوا فُقَرَاءَ"(١).
الثاني: في الممنوعِ؛ فكلُّ مالٍ وُضِعَ في حرامٍ، فهو سَرَفٌ ولو كان ذَرَّةً، وقد قال مجاهدٌ:"لَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أَبِي قُبَيْسٍ ذَهَبًا فِي طَاعَةِ الله، لَمْ يَكُنْ إِسْرَافًا، وَلَوْ أَنْفَقْتَ صَاعًا فِي مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى، كَانَ إِسْرَافًا"(٢).