جعَلَ اللهُ عيسى مِن ذريَّةِ إبراهيمَ أو نوحٍ، على خلافٍ في رجوعِ الضميرِ في قولِه تعالى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ﴾:
ورجوعُهُ إلى إبراهيمَ أشهَرُ؛ وبه قال يحيى بن يَعْمَرَ (١).
وقال بعضُهم: إنَّه يَرجِعُ إلى نوحٍ؛ وهو قولُ ابنِ جريرٍ (٢)؛ ويعضُدُ قولَهُ: أنَّ اللهَ ذكَرَ لُوطًا وهو ليس مِن ذريَّةِ إبراهيمَ، وهو ابنُ أَخِيه، وقيل: ابنُ أُختِه؛ فإبراهيمُ عمُّهُ أو خالُهُ، والعربُ تُنزِلُ الخالَ والعمَّ بمنزلةِ الوالدِ؛ ففي الوالدِ قال تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٣]؛ فيعقوبُ هو ابنُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وإسماعيلُ بن إبراهيمَ عمُّه، فسمَّاهُ اللهُ أبًا، وفي مسلمٍ؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا:(إِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنوُ أَبِيهِ)(٣)، وفي الخالِ روى الدارقطنيُّ في الأفرادِ؛ مِن حديثِ عائشةَ مرفوعًا؛ أنَّ النبيَّ ﷺ قال للأسودِ بنِ وهبٍ، وهو خالُهُ:(اجْلِسْ يَا خَالِ؛ فَإِنَّ الْخَالَ وَالِدٌ)(٤)، وفيه كلامٌ، ويعضُدُ معناهُ قولُ النبيِّ ﷺ:
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٣٣٥). (٢) "تفسير الطبري" (٩/ ٣٨١). (٣) أخرجه مسلم (٩٨٣). (٤) "كنز العمال" (٣٨٣٣)، وأخرجه ابن شاهين في "الأفراد" (ص ١٨٩)، وابن بشران في "أماليه" (ص ٤٠٣).