"بابُ الأذانِ فوقَ المَنَارةِ"(١). وبمعناهُ عندَ ابنِ أبي شَيْبةَ في "مصنَّفِه"، والبيهقيِّ في "سننِه"(٢) - فمرادُهم بدلك السطوحُ؛ ولذا قال في الأثرِ السابقِ:"الأذانُ في المنارةِ، والإقامةُ في المسجدِ"؛ يعني: فوقَ المسجدِ وداخِلَهُ.
والحِكْمةُ مِن الأذانِ فوقَ السطوحِ: الإسماعُ، ومع حصولِ الأجهزةِ الحديثةِ، فلا حاجةَ إلى ذلك؛ فالصعودُ ليس سُنَّةً في ذاتِه، وأمَّا صنع المآذنِ والمنارات في المساجدِ، فمستَحَبٌّ لكثرةِ الناسِ وتباعُدِهِمْ عن المساجدِ في زمنِنا، وكثرةِ ما يَمْنَعُ وصولَ الصوتِ إليهم مِن تطوُّرِ البناءِ الذي يَعْزِلُ الصوتَ، وكثرةِ الموانعِ مِن السماعِ مِن الآلاتِ والسياراتِ؛ فقد استُحبَّ صنعُ المناراتِ والمآذنِ ليتحقَّقَ المقصودُ مِن السماعِ.