وفي الآيةِ: تنبيه على وجوبِ ترتيب أعضاءِ الوضوء، وبالآيةِ استدل أحمدُ على ذلك؛ كما نقَلَ عنه ابنُهُ عبد الله أنه سألهُ عن رجلِ أرادَ الوضوءَ، فاغتمَسَ بالماءِ يجزيه؟ قال: أمَّا مِن الوضوءِ فلا يجزيه حتى يكون على مخرجِ الكتابِ وكما توضَّأ النبي ﷺ. وكذلك نقلَهُ عنه ابنُهُ صالح من "مسائله"، قال أحمد: فرضه الله في القرآنِ تأليف شيءٍ بعد شيء (٢). والترتيب واجب على الصحيحِ مِن أقوالِ العلماءِ؛ وذلك مِن وجوه:
الأول: أن ترتيب الذِّكرِ قرينة على ترتيبِ الفِعلِ في القرآنِ؛ ويؤيِّدُ ذلك: أنَّ اللهَ أدخَلَ ممسوحا -وهو الرأسُ - بينَ مغسولات؛ لبيانِ قصدِ الترتيب بينَ الأعضاءِ.
الثاني: أن النبي ﷺ فسَّر الآيةَ بدوام الترتيب، فمع وضوئِهِ لكلِّ صلاة وكثرةِ وقوعِ ذلك منه وتعدُّدِ الرواياتِ الصحيحة، لم يصح أن النبيَّ ﷺ لم يرتب، والتيسير مَقصَد مِن مقاصدِ الشريعة، والفعلُ متكرِّرٌ في اليومِ مرَّات، ولما لم يُخالِف، دل على قصدِ الترتيبِ ووجوبِه.
الثالثُ: أن النبي ﷺ يسّر في عدمِ الترتيب بينَ أعضاءِ التيمم، فصحتِ الرواياتُ في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي الجُهَيْم، عن النبي ﷺ، قال:"فَمسَحَ بِوَجهِهِ وَيَدَيه"(٣)، وفي حديثِ عمارِ؛ في "الصحيحَين": "مَسَحَ بِهِمَا وَجهَهُ وَكَفيهِ"(٤)، وفي رواية لمسلمٍ مِن حديثِ عمَّار؛ قال فيه: "ضَرَبَ بِيَدَيه الأرضَ ضَربَة وَاحِدَةً، ثم مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى اليَمِين، وَظَاهِرَ