والجواب: أن علي بن سعيد (١) قال: سألت - يعني: أحمد - عن حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في الحجرة، والناس يأتمون به من وراء الحجرة، قال: كأنه على صلاة الليل، أو تطوع. فقد بين أحمد - رحمه الله -: أن هذا لم يكن في صلاة الفرض، ومن أصحابنا من أجاز ذلك في صلاة النفل (٢)، والصحيح عندي: أن الفرض والنفل سواء، ويُحمل الخبر على أن باب الحجرة كان مفتوحًا؛ بحيث يشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو يشاهد من خلفه؛ بدليل ما ذكرنا.
واحتج أيضًا: بما روى أبو بكر بإسناده عن محمد بن عمرو بن عطاء (٣) قال: صليت مع ابن عباس - رضي الله عنهما - في حجرة ميمونة زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بصلاة الإمام يوم الجمعة (٤).
والجواب: أنه محمول على اتصال الصفوف.
واحتج: بأنه ليس بينه وبين الإمام ما ليس بمحل للصلاة، فصح ائتمامه به؛ كما لو صلى خلف سارية، أو حائط في المسجد.
والجواب: أنه باطل به إذا كان بينهما شارع؛ لأن الشارع محل
(١) ينظر: الزركشي (٢/ ١٠٥). (٢) ينظر: الإنصاف (٤/ ٤٤٩). (٣) القرشي العامري، المدني، قال ابن حجر: (ثقة)، توفي في حدود ١٢٠ هـ. ينظر: التقريب ص ٥٥٦. (٤) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (٢/ ١٣٣)، قال ابن رجب: (رواه الأثرم بإسناده). ينظر: فتح الباري (٤/ ٢٧٧)، وفي إسناد الفاكهي من لم يسم.