من هذا الوجه، لم يصح بناء إحداهما على الأخرى، كما قال أبو حنيفة، ومالك - رحمهما الله -: إذا أحرم بالصلاة منفردًا، ثم ائتم بغيره (١)، وكما قالوا جميعًا (٢): إذا أحرم بالظهر، ثم نوى بها العصر، أو الظهر، فنوى بها الجمعة، فإنه لا يصح، كذلك ها هنا.
واحتج المخالف: بما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بتُّ عند خالتي ميمونة - رضي الله عنها -، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل، فقمت فوقفت على يساره، فأدارني عن يمينه (٣)، فوجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد أحرم بالصلاة منفردًا، ثم صار إمامًا.
والجواب: أن تلك الصلاة كانت نافلة من صلاة الليل، ونحن نجيز ذلك، وخلافنا في صلاة الفرض.
واحتج: بأنها صلاة افتتحها فرادى، ثم صار فيها إمامًا، فصحت؛ دليله: صلاة النافلة.
والجواب: أنه يبطل به إذا أحرم بالظهر منفردًا، ثم صار إمامًا في الجمعة، وعلى أن القياس في النفل كان يقتضي أن لا يجوز، لكن تركنا
(١) في الأصل: بغير. (٢) عند الحنفية لا تأثير لتغيير النية. ينظر: التجريد (١/ ٤٦٢)، والهداية (١/ ٦٣). وهو عند المالكية، والشافعية كما ذكر المؤلف. ينظر: التلقين ص ٨٧، والقوانين الفقهية ص ٤٥، والأم (٢/ ٢٢٤)، والمهذب (١/ ٢٣٣). (٣) مضى تخريجه في (١/ ٥٠٢).