وجواب ثالث: أنه لو حمله متأول على أنه كان ذلك من فعل قيس قبل النهي، لأشبه (١)؛ لأن النهي لا يكاد أن يكون إلا عن شيء قد كان يفعل ظاهرًا منتشرًا.
واحتج: بما روي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"ما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي بعد العصر إلا صلى ركعتين"(٢).
والجواب: أنه حديث مضطرب؛ وذلك أن أحمد - رحمه الله - قد روى في المسند (٣) عن محمد بن جعفر (٤) قال: نا شعبة عن يزيد بن أبي زياد (٥) قال: سألت عبد الله بن الحارث (٦) عن الركعتين بعد العصر؟ فقال: كنا عند معاوية، فحدَّث ابن الزبير عن عائشة - رضي الله عنهم -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان
(١) أي: لكان أشبه. (٢) أخرجه البخاري في كتاب: مواقيت الصلاة، باب: ما يصلى بعد العصر من الفوائت وغيرها، رقم (٥٩٣)، ومسلم في كتاب: صلاة المسافرين، باب: معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد العصر، رقم (٨٣٥). (٣) رقم (٢٦٦٥١). (٤) هو: غندر، وقد مضت ترجمته. (٥) الهاشمي مولاهم، الكوفي، قال ابن حجر: (ضعيف، كبر فتغيّر، وصار يتلقن، وكان شيعيًا)، توفي سنة ١٣٦ هـ. ينظر: التقريب ص ٦٧٣. (٦) في الأصل: الحرب، والتصويب من المسند. وعبد الله هو: ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، أبو محمد المدني، أجمعوا على ثقته، توفي سنة ٧٩ هـ، وقيل: ٨٤ هـ. ينظر: التقريب ص ٣١١.