فوجهُ المنع: قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}[البقرة: ١١٤]، وجميع الكفار يريدون قتالنا، ويعتقدون منعنا عن ذكر الله تعالى في مساجدنا، فوجب أن يكونوا ممنوعين بقوله تعالى:{أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} إخبارٌ عن حالهم: أنهم متى دخلوها، خافوا أن يوقع بهم.
فإن قيل: هذه الآية نزلت في قوم من اليهود، فيجعل حكمها مقصورًا عليهم (١).
قيل له: اللفظ أعمُّ من السبب، فلا يجب قصره عليه، وروى ابن شاهين في كتاب المناهي لإسناده عن راشد - يعني: ابن سعيد - رضي الله عنه -، قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل المجوس المساجد"(٢).
ولأنه إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -: رُوي أن أبا موسى قدم على عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، ومعه كاتب له يرفع (٣) حسابه، فأعجب عمر، وجاء عمر كتاب، فقال لأبي موسى: أين كاتبك حتى يقرأ هذا الكتاب على الناس؟ فقال أبو موسى: لا يدخل (٤) المسجد، قال: لم؟ قال: لأنه نصراني (٥).
(١) ينظر: تفسير الطبري (٢/ ٤٤٣)، والدر المنثور (١/ ٥٦٢). (٢) لم أقف عليه، وقد ذكره الهاشمي في رؤوس المسائل (١/ ١٨٢). (٣) في الأصل: رقع حسابه. (٤) في الأصل: لا يدخلوا. والتصويب من سنن البيهقي. (٥) أخرجه البيهقي في السنن، كتاب: الجزية، باب: لا يدخلون مسجدًا بغير =