والجواب: أنا لا نسلم أن الأرض تقلب الأشياء إلى طبعها، وإنما تشرب الرطوبة، وتنشفها الشمس، والهواء، وتجففه، كما يكون البساط، ولا فرق بينهما.
والذي يبين صحة هذا: أن الذهب، والفضة، والحديد، والخشب يبقى في الأرض، ولا يصير أرضًا، وكذلك أصول الشجر وعروقها، والزروع (١)، وغير ذلك يبقى في الأرض الزمان الطويل، ولا يصير أرضًا، وأما قوله تعالى:{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا}[الكهف: ٨]، فإن الأرض الجزر: التي لا تُنبت، يقال: أرض جرز، وأرض أجراز (٢)، ومعنى الآية: أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاعل الأرض: الخلفاء، والعلماء، والأمراء (٣). وقال مجاهد: الرجال (٤)، وقال بعضهم: أنواع الأشجار، والثمار، والأموال، ثم ذم لهم الدنيا، وأخبرهم بفنائها، وأنها تصير إلى التراب والبلى، وقيل: إنها تأكل بنيها أكلًا. والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
* * *
(١) في الأصل: والزوع. (٢) ينظر: معاني القرآن للزجاج (٣/ ١٢٢). (٣) ينظر: تفسير الطبري (١٥/ ١٥٣)، ومعاني القرآن للنحاس (٤/ ٢١٦)، وزاد المسير (٥/ ١٠٥). (٤) الذي روي عن مجاهد: بلقعًا. والرجال مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. ينظر: تفسير الطبري (١٥/ ١٥٣)، وزاد المسير (٥/ ١٠٦).