الجهة الثانية: رميه بالتجسيم، والتشبيه، حتى نُقِل عنه: أنه قال: (ألزموني ما شئتم فإني ألتزمه، إلا اللحية والعورة)(١)، وقد كذَّب هذا النقل شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وبيّن بطلان نسبته إلى أبي يعلى - رحمه الله - (٢).
وقد تكلّم غير واحد في كتاب أبي يعلى "إبطال التأويلات"، وأنه أتى فيه بالتجسيم المحض (٣)، وهذا خطأ على أبي يعلى - رحمه الله -؛ فإنه قد ألَّف كتابًا في الرد على المجسِّمة، بل بالغ حتى قال: بنفي الجسم (٤)، ومعلوم أن هذه اللفظة لا يصرَّح بإثباتها ولا نفيها (٥)؛ لعدم ورود نفيها لا في الكتاب ولا في السنة، ولا في قول أئمة الإسلام، بل إن كتابه:"إبطال التأويلات"، ردٌّ على كتاب ألَّفه أحد علماء الأشاعرة (٦)،
= الأمثلة على هذا ينظر: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية ص ١٨٦، ومذهب أهل التفويض في نصوص الصفات ص ٢٠٩، ولتفصيل عقيدة أبي يعلى من كتبه ينظر: القاضي أبو يعلى وكتابه مسائل الإيمان ص ٦٦ وما بعدها. (١) ذكر ذلك عن أبي يعلى أبو بكر بن العربي في: العواصم ص ١٨١. (٢) ينظر: درء تعارض العقل والنقل (٥/ ٢٣٨). (٣) حتى قال ابن الأثير - رحمه الله -: (أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض - تعالى الله عن ذلك -). الكامل (٨/ ٣٧٨). (٤) ينظر: الطبقات (٣/ ٣٩٢)، ودرء التعارض (٤/ ٢٠٩، ١٠/ ٢٥٨). (٥) ينظر: درء تعارض العقل والنقل (١٠/ ٢٥٩). (٦) وهو: كتاب ابن فورك المعروف بـ "مشكل الحديث وبيانه"، وبـ "تأويل الأخبار".