وأجدبت الأرض (١)، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - واستسقى، فأرسلت السماء عزاليها (٢)، فدام المطر أسبوعًا، ثم شكوا إليه كثرةَ المطر، فقال:"اللهم حوالينا ولا علينا، على الآكام (٣)، ومنابت الشجر"، فتقشعت السماء حتى صارت كالإكليل (٤) حول المدينة.
فليت شعري! أي نعمة أكثر وأظهر؟ ثم لم ينقل أنه سجد لله - عز وجل -.
والجواب عنه: ما تقدم من الوجهين:
أحدهما: أن حديث أبي بكرة (٥) يدل على أنه سجد، وإن لم يُنقل.
والثاني: أنه قد كان يترك ما هو مسنون، ولا يدل على أنه ليس
= النهاية في الغريب (مشى). (١) أي: قحطت. ينظر: لسان العرب (جدب). (٢) في الأصل: غزائلها. والتصويب من صحيح البخاري، وقد مضى تخريج الحديث الصفحة السابقة حاشية (٦). والعزالي: جمع العزلاء، وهو فم المزادة الأسفل، فشبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة. ينظر: النهاية في غريب الحديث (عزل). (٣) الآكام: دون الجبل وأعلى من الرابية، وقيل: هو الرابية. ينظر: شرح مسلم للنووي (٦/ ٤٣٣)، والنهاية في غريب الحديث (أكم). (٤) الإكليل: كل شيء دار من جوانبه، واشتهر لما يوضع على الرأس، فيحيط به، وهو من ملابس الملوك كالتاج. ينظر: فتح الباري لابن حجر (٢/ ٦٥٢). (٥) مضى تخريجه (١/ ٣١٣).