قال: أُنَفِّر الشيطان، وأُوقظ الوسنان (١)، وقال:"وسمعتك يا بلال تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة"، قال: كلام طيب يجمع الله بعضه إلى بعض، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم قد أصاب"(٢).
فوجه الدلالة: أنه أقرّ كلَّ واحد منهم، فدل على أن الجميع جائز.
فإن قيل: فإذا قلتم: إنه مخير في الجهر وفي تركه، فأيهما أفضل؟
قيل: ترك الجهر، وهو ظاهر كلام أحمد - رحمه الله - في رواية الميموني: في رجل زحم مع الإمام يوم الجمعة، فلم يقدر يركع ولا يسجد حتى انصرف الإمام: يصلي ركعة يقرأ فيها، قيل له: يرفع صوته بالقراءة؟ قال: ليس عليه أن يجهر، إنما الجهر بالقراءة في الجماعة، أرأيت إن صلى وحده عليه أن يجهر؟ (٣).
قيل له: وهكذا إذا صلى وحده، فلا يجهر فيما ليس عليه، لوجهين:
أحدهما: أن المنفرد في حكم المأموم؛ بدليل أنه لا يتحمل عن غيره، والمأموم لا يجهر بالقراءة في حال سكتات الإمام، كذلك المنفرد.
(١) هو: النائم الذي ليس بمستغرق في نومه. ينظر: النهاية في الغريب (وسن)، ولسان العرب (وسن). (٢) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل رقم (١٣٣٠)، قال النووي: (رواه أبو داود بإسناد صحيح). ينظر: المجموع (٣/ ٢٤٨). (٣) ينظر: بدائع الفوائد (٤/ ١٤٠٩)، ونصها: (إنما الجهر بالقراءة في الجماعة، أرأيت إن صلى وحده عليه أن يجهر؟! إنما الجهر في الجماعة إذا صلوا).