وعندنا: أهلُ القرى تسقط عنهم الجمعة بحضور العيد، على الصحيح من قول أصحابنا، قال: وإذا كان كذلك، فقد قلنا بموجب التعليل؛ فإن [العيد](١) هو المسقِط عنهم الجمعةَ.
فيكون الجواب عنه: أن أهل العوالي كانوا على مسافة، والعلة (٢) أعمُّ من اللفظ؛ ولأن اللفظ خاصٌّ في أهل العوالي، والتعليل يعمُّ أهلَ العوالي، وأهلَ المدينة؛ لأنه قال:"اجتمع في يومكم عيدان، فمن شاء، أجزأ"، وهذا المعنى وحده في حق أهل المدينة وغيرهم، وإذا كان التعليل أعمَّ من اللفظ، كان الحكم متعلقًا بالتعليل دون اللفظ (٣)؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم - في المحرِم الذي وَقَصت به ناقته، "لا تُخمروا رأسه، ولا تُقربوه طيبًا؛ فإنه يُبعث يوم القيامة ملبيًا"(٤)، واللفظ خاص في ذلك المحرم، والتعليل عام في كل محرم، وكذلك قوله - عليه السلام - في شهداء أُحد: "زَمِّلُوهم (٥) بكُلُومهم (٦) ودمائهم؛ فإنهن يُبعثون يوم القيامة اللونُ
(١) طمس في الأصل بمقدار كلمة، والمثبت يقتضيه الكلام. (٢) في الأصل: وبين العلة. (٣) في الأصل: الله. (٤) أخرجه البخاري في كتاب: الجنائز، باب: كيف يكفن المحرم؟ رقم (١٢٦٧)، ومسلم في كتاب: الحج، باب: ما يُفعل بالمحرم إذا مات، رقم (١٢٠٦). (٥) أي: لفّوهم بثيابهم. ينظر: النهاية في غريب الحديث (زمل). (٦) الكلم: الجرح. ينظر: لسان العرب (كلم).