قيل له: في الخبر ما يمنع من هذا، وهو قوله - عليه السلام -: "وتجوّز فيهما"، ولو كان في ذلك الوقت، لم يأمر بالتخفيف.
فإن قيل: فقد رُوي في بعض الألفاظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمره أن يصلي ركعتين، أمسك عن الخطبة حتى فرغ من ركعتيه، ثم عاد إلى الخطبة (١).
قيل له: قال محمد بن حرب: قلت لأحمد - رحمه الله -: يروى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمسك عن الخطبة حتى فرغ من ركعتيه؟ قال: ليس بالجيد، أو من وجه ضعيف (٢)، وعلى أن عندهم أن إمساكه عن الخطبة لا يبيح له ركعتين، فلا يصح الاحتجاج به.
فإن قيل: رُوي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:"اركع ركعتين، ولا تَعُدْ لمثل هذا"(٣).
قيل له: أراد به: ولا تعد إلى التأخير إلى مثل هذا الوقت؛ ولأن الخطبة ذكرٌ يتقدم الإقامة، فلم يمنع تحيةَ المسجد؛ دليله: الأذان.
فإن قيل: المعنى في الأصل: أنه لا يمنع غير تحية المسجد، فلهذا لم يمنع تحية المسجد، وها هنا يمنع غير تحية المسجد، فمنع تحية المسجد.
(١) مضى تخريجه في ص ٢٢٦. (٢) ينظر: ص ٢٢٧. (٣) أخرجه الدارقطني في سننه، كتاب: الجمعة، باب: في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب، رقم (١٦٢٠)، وفي إسناده محمد بن إسحاق، وقد عنعن.