فإن قيل: قد أجمعوا على أن السعي إلى صلاة الجمعة واجب بهذه الآية، فإذا حملتم الآية على الخطبة، خرجت عن أن يكون دلالة على حضور صلاة الجمعة.
قيل له: إذا دلت الآية على وجوب السعي إلى الخطبة، كان فيها دلالة على وجوب السعي إلى الصلاة؛ لأن الخطبة تراد للصلاة، ولأن الخطبة أقيمت مقام الركعتين؛ بدليل: أنه إذا لم يخطب، صلى ظهرًا أربعًا، وإذا كانتا (١) كالركعتين، ثم [إذا] ثبت أن العدد شرط في الركعتين، وجب أن يكون شرطًا في الخطبتين، ولأن الخطبتين كصلاة الجمعة؛ بدليل: أن الوقت شرط فيها كالركعتين، ثم العدد شرط في الركعتين، كذلك الخطبتان، ولأن الخطبة ذكرٌ جُعل شرطًا في صحة الجمعة، فلا تصح إلا بحضور (٢) العدد والمشروط فيها، أصله: تكبيرة الإحرام.
فإن قيل: تبطل بالشهادتين، هي ذكر جُعل شرطًا في صحة الجمعة، وتصح من غير حضور العدد.
قيل له: لا تبطل؛ لأن الشرط هو الإيمان، وهو اعتقاد القلب (٣)، وليس ذلك بذكر، والشهادتان إخبار عما في القلب من الاعتقاد، فلم
(١) في الأصل: كانا. (٢) في الأصل: بحظور. (٣) الإيمان: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، يزيد وينقص. ينظر: الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام ص ١٠، والإيمان لابن أبي شيبة ص ٥٠.