فلج وشاخ (١) وفي أثناء سنة ثماني عشرة ومئتين (٢) كتب المأمون إلى نائبه في العراق في امتحان العلماء كتابا مشهورا فأحضر جماعة منهم: أحمد بن حنبل وبشر ابن الوليد، وعلي بن (٣) أبي مقاتل، فعرض عليهم كتاب المأمون فعرضوا (٤)، ووروا (٥)، ولم يجيبوا، فقالوا لبشر بن الوليد ما تقول؟ قال: أقول كلام الله. قالوا لا نسألك عن هذا، أمخلوق هو؟ قال: ما أحسن غير ما قلت، ثم قال لأحمد بن حنبل:
ما تقول؟ قال: القرآن كلام الله، قال: أمخلوق هو؟ قال: كلام الله لا أزيد، ثم قال لعلي بن أبي مقاتل ما تقول؟ قال: القرآن كلام الله، وان أمرنا أمير المؤمنين بشيء سمعنا وأطعنا، ثم أمتحن الباقين وكتب بجوابهم. وولي بشر القضاء ببغداد في الجانبين؛ فسعى به رجل وقال أنه لا يقول: القرآن مخلوق، فأمر به المعتصم (٦)، أن
=ينظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد:٤/ ٢٠٧، ابن الأثير، اللباب:١/ ٣١٦؛ القرشي، الجواهر المضية:١/ ٦٩. (١) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ٧/ ٨٢؛ والخبر في الذهبي، ميزان الاعتدال: ١/ ٣٢٦ - ٣٢٧. (٢) ينظر: فتنة القول بخلق القرآن في: ابن الأثير الكامل: ٦/ ٤٢٣ - ٤٢٧؛ السبكي، طبقات الشافعية الكبرى: ٢/ ٣٩ - ٤٢. (٣) علي بن أبي مقاتل: أحد الذين امتحنوا مع أحمد بن حنبل وبشر بن الوليد، وعلي بن الجعد وغيرهم من عشرات العلماء في محنة خلق القرآن، فصبروا. ينظر: الطبري، التاريخ: ٨/ ٦٣٧، ٦٤١، ٦٤٥ ابن كثير، البداية والنهاية: ١٠/ ٢٧٢. (٤) التعريض خلاف التصريح. ينظر: المقرئ الفيومي، أحمد بن محمد بن علي (ت ٧٧٠ هـ/ ١٣٦٨ م)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (ط ٢، المطبعة الأميرية، مصر، ١٩٠٩ م) مادة (عرض) ٢/ ٥٥٢. (٥) ورى بالحديث تورية ستره وأظهر غيره. ينظر: المصباح: مادة ورى ٢/ ٩٠٥). والتورية: أن يريد المتكلم بكلامه خلاف ظاهره. ينظر: الجرجاني، التعريفات: ص ٧١. (٦) هو: المعتصم بالله، أبو إسحاق، محمد بن الرشيد، ثامن الخلفاء من بني العباس، توفي سنة (٢٢٧ هـ/ ٨٤١ م).=