وعنه قال: لما حضرته الوفاة قال: قد ترى شدة الكلام علي فإذا سمعتني قلت كلمة الشهادة فلا تردها علي حتى تسمعني أخذت في كلام آخر، فإنما كانوا يحبون أن يكون آخر كلامهم كلمة الشهادة. لقوله (عليه السلام): «من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة»(١).
قيل (٢) لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة، قال: ترك الغضب، قلت: ولذا لما قال بعض الصحابة: أوصني يا رسول الله قال:
«لا تغضب»(٣).
وقال (٤) أبو علي الروذباري (٥): صحبته في طريق مكة فلما دخلنا البادية قال: تكون الأمير أم أكون أنا؟ قلت: بل أنت، قال: فعليك بالسمع والطاعة، فأخذ المخلاة (٦) فوضعها على عاتقه فقلت دعني أحمل، فقال: أنا الأمير أم أنت؟.
فمكثنا ذات ليلة إذ أخذ المطر فأخذ الكساء فأظلني إلى الصباح، فوددت أني مت ولم أقل كن أميرا، فلما أردت الإفتراق قال: يا أبا علي إذا صحبت إنسانا فاصحبه هكذا.
ولابن المبارك شعر (٧):
إذا رافقت في الأسفار قوما … فكن لهم كذي الرحم الشقيق
(١) ينظر: ابن حنبل، مسند أحمد:٢٤٧،٥/ ٢٣٣؛ أبو داود، سنن أبي داود:٣/ ١٩٠ (٢) ينظر: الكردري، المناقب:٢/ ١٧٢. (٣) ينظر: البخاري، الصحيح:٥/ ٢٢٦٧؛ أبو داود، سنن أبي داود:٣/ ١٩٠. (٤) ينظر: الكردري، المناقب:٢/ ١٧٢. (٥) هو: أحمد ابن محمد بن القاسم بن منصور، أبو علي الصوفي الروذباري، سكن مصر، صحب الجنيد، وأبا الحسين النوري، وابا حمزة البغدادي وغيرهم، توفي سنة (٣٢٢ هـ / ٩٣٣ م). ينظر: السمعاني، الأنساب:٣/ ١٠٠؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء:١٧/ ٢١٩. (٦) المخلاة: القدر ينظر: الفيروزآبادي، القاموس:٢/ ١٦٨١. (٧) ينظر: الكردري، المناقب:٢/ ١٧١ - ١٧٢.