وحديث قبيصة فيه دلالة على أن القتل ليس بحد، أو أنه منسوخ؛ فإنه قال فيه:"فأتي رسول الله ﷺ برجل قد شرب الخمر فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل، وكانت رخصة". رواه أبو داود (١).
فإن قيل: فما تصنعون بالحديث المتفق عليه عن علي أنه قال: "ما كنت لأدي من أقمت عليه الحد إلا شارب الخمر، فإن رسول الله ﷺ لم يسن فيه شيئًا، إنما هو شيء قلناه نحن"، لفظ أبي داود، وهو في ابن ماجه.
ولفظ الشيخين:"فإن رسول الله ﷺ مات ولم يسنه"(٢).
قيل: المراد بذلك أنه ﵇ لم يقدر فيه بقوله تقديرًا، لا يزاد عليه ولا ينقص كسائر الحدود، وإلا فعلي قد شهد أنه ﵇ قد ضرب فيه أربعين (٣)، انتهى.
وكذا قال النووي في قوله: لأن النبي ﵇ لم يسنه، معناه لم يقدر فيه حدًا مضبوطًا (٤)، انتهى.
قال الحنبلي: وقوله: "إنما هو شيء قلناه نحن" يعني التقدير بثمانين، فإن عمر جمع الصحابة واستشارهم، فأشاروا بثمانين فأمضاها، ثم جلد علي في خلافته أربعين وقال: هذا أحب إلي.
(١) سنن أبي داود (٤٤٨٥). (٢) صحيح البخاري (٦٧٧٨)، وصحيح مسلم (١٧٠٧). (٣) زاد المعاد ٥/ ٤٦ - ٤٨. (٤) شرح صحيح مسلم للنووي ١١/ ٢٢١.