التاسع: بيانه إباحة الشيء عفوا بالسكوت عن تحريمه وإن لم يأذن فيه نطقا.
العاشر: أن يحكم القرآن بإيجاب شيء أو تحريمه أو إباحته ويكون لذلك الحكم شروط وموانع وقيود وأوقات مخصوصة وأحوال وأوصاف، فيحيل الرب ﷾ على رسوله في بيانها كقوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ (١) فالحل موقوف على شروط النكاح وانتفاء موانعه وحضور وقته وأهلية المحل" (٢).
ومن هذا المفهوم والتصور الواضح لأهمية السنة ومكانتها ودورها في التشريع انطلقت أفعال السلف مترجمة لهذا التصور فكان من تلك الأفعال أن اعتنى السلف بالسنة فتضافرت جهود العلماء من لدن الصحابة والتابعين على حفظ السنة والعناية بها وصيانتها فحظيت منذ ذلك الحين بسياج من الحماية منقطع النظير، وقد اتبع الصحابة في ذلك كل سبيل يحفظ للسنة نورها وصفاءها، وكان من ذلك التحري والتثبت في روايتها خشية الوقوع في الخطأ وخوفا من أن يتسرب إليها التصحيف والتحريف، بل إن بعضهم فضل الإقلال من الرواية. قال ابن قتيبة: "كان عمر شديد الإنكار على من أكثر الرواية أو أتى بخبر الحكم لا شاهد له عليه، وكان يأمرهم بأن يقلوا من الرواية يريد بذلك أن لا
(١) الآية (٢٤) من سورة النساء. (٢) أعلام الموقعين (٢/ ٣١٤، ٣١٥).