للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى البعث؛ فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل (١).

ويدل لما أجمع عليه العلماء ما يلي:

١_ عن عائشة زوج النبي أنها قالت: سمعت رسول الله يقول: «لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال: بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر» (٢).

وهذا يدل على مراعاة الأحوال في إيقاع وتنزيل الحكم الشرعي.

قال ابن القيم: وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي، فأنكرتُ عليه، وقلت له: إنما حرّم الله الخمر لأنها تصدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدُّهم الخمر عن قتل النفوس وسَبْي الذرية وأخذ الأموال، فدَعْهم (٣).

٢_ ومنها ما ورد من النصوص التي تدل على عدم إقامة الحدود في بلاد العدو حتى لا يؤدي على إلى ارتداده، أو مفسدة أكبر.

قال ابن القيم: وقد أُتي بُسْر بن أرْطَاة برجل من الغزاةقد سرق مجنَّةَ فقال: لولا أني سمعت رسول اللَّه يقول: "لا تقطع الأيْدِي في الغَزْو" لقطعت يدك، رواه أبو داود، وقال أبو محمد المقدسي: وهو إجماع الصحابة، روى سعيد بن منصور في "سننه" بإسناده عن الأحوص بن حكيم، عن أَبيه أن عمر كَتب إلى الناس أن لا يجلدنَّ أميرُ جيشٍ ولا سرية


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٣/ ١١ ط العلمية).
(٢) صحيح مسلم (٤/ ٩٨ ط التركية).
(٣) صحيح مسلم (٤/ ٩٨ ط التركية).

<<  <   >  >>