للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حنبل: ولا يطوف بالبيت وهو راكب، فالنبي إنما طاف على ناقته حتى يروه الناس. قال عبد العزيز: وإن طاف راكباً أجزأه ذلك».

• وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٢٨٤): «واختلفوا فيمن طاف محمولاً من غير عذر، فكان الشافعي يقول: يجزيه ولا أحبه. وقال أصحاب الرأي: إن كان بمكة يعيد، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم. قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله طاف على راحلته، ولا قول لأحد مع فعله».

• وقال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (١/ ٧٠): «فيه من ذلك: الإبانة عن صحة قول من قال بإجازة الطواف راكباً، ومحمولاً على عواتق الرجال ورؤوسهم، وأن من طاف كذلك أو طيف به كذلك فقد أجزأه طوافه، وأن لا إعادة عليه، ويبطول قول من قال: ذلك غير مجزئ من طوافه، إلا أن يكون مريضاً، أو ذا علة لا يطيق معها الطواف راجلاً، وأوجب الإعادة على من طاف راكباً من غير عذر ما كان بمكة، والدم على من قد رجع إلى الكوفة أو غيرها من البلدان، وقول من أوجب عليه الإعادة بكل حال، كان بمكة، أو كان قد رجع إلى الكوفة»، ثم قال (٧٢): «وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد: إن طاف الرجل راكباً من عذر أجزأه، وإن طاف من غير عذر أعاد إن كان بمكة، وإن كان قد رجع إلى الكوفة فعليه دم، وعلة قائلي هذه المقالة: أن الطواف بالبيت صلاة، وقد أجمع الجميع على أن الصلاة المكتوبة لا يجزئ من قدر على أدائها قائماً أداؤها قاعداً، وأنه إن صلاها قاعداً لغير عذر يعذر به في القعود منها فعليه إعادتها، وكذلك الطواف بالبيت عندهم، إذ كان بمنزلة الصلاة المكتوبة، وقد كان يجب على هؤلاء إذ أوجبوا على الطائف راكباً لغير عذر إعادة الطواف ما دام بمكة مقيماً، أن يوجبوا عليه العود إليها، وإن خرج فبعد منها، لأن الواجب على المرء لا يزيله عنه بعده عن الموضع الذي وجب أداء ذلك عليه فيه، فإن كانوا مثلوا ذلك بالتارك رمي الجمرات حتى تنقضي أيامه، في أن الفدية تجزئ منه، وما أشبه ذلك من الأشياء التي يفوت وقتها من مناسك الحج، فتقوم الفدية مقامها، فإنهم قد أبعدوا التمثيل، وأغفلوا موضع التشبيه، وذلك أن لرمي الجمرات وقتاً محدوداً أوله وآخره فيه ترمى الجمرات، فإذا انقضى ذلك الوقت لم يكن رميها من مناسك الحج إن رميت، والطواف الواجب بالبيت غير محدود آخره بحد لا يتجاوز، ومتى طاف به من وجب عليه الطواف به في حجه أجزأه، فالذي يشخص إلى الكوفة قبل الطواف به أو قبل العود للطواف من لزمه العود للطواف به، له السبيل إلى العود إلى مكة حتى يطوف به، ويجزيه طوافه ذلك، وإن كان قد تأخر عن أيام الحج، فذلك مخالف سبيله سبيل تارك رمي الجمرات أيام منى حتى انقضت، وأما الذي أوجب على الطائف راكباً لغير عذر قضاء طوافه - مقيماً كان بمكة أو منصرفاً عنها إلى حيث انصرف إليه من البلاد -، فإنه أم ركوب القياس، فخالف بقياسه الأصل الذي عليه تقاس الفروع، وذلك أن القياس عند أهله: إلحاق الفروع الحادثة بالأصول المحكمة، فأما إبطال

<<  <  ج: ص:  >  >>