للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والشاهين والبواشق، وما أشبهها، ما دام يأخذ حمام الناس وغيره من طائرهم، فكل ما كان في هذا المعنى من الطائر فلا يجوز أكله للوجهين اللذين وصفت من أنه في معنى الحدأة والغراب [يعني: لما اشتمل عليه من الوصفين كونه غير مأكول اللحم، وثبوت ضرره في مال المكلف]، وداخل في معنى ما لا تأكل العرب، وكل ما كان لا يبلغ أن يتناول للناس شيئا من أموالهم من الطائر، فلم تكن العرب تحرمه إقذارا له، فكله مباح أن يؤكل، فعلى هذا، هذا الباب كله وقياسه».

وقال في موضع آخر (٨/ ٥٨٢): «أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله قال: «خمس من الدواب، ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور»، وبهذا نأخذ. وهو عندنا جواب على المسألة؛ فكل ما جمع من الوحش أن يكون غير مباح اللحم في الإحلال، وأن يكون مضرا: قتله المحرم؛ لأن النبي إذا أمر المحرم أن يقتل الفأرة والغراب والحدأة مع ضعف ضررها، إذ كانت مما لا يؤكل لحمه، كان ما جمع أن لا يؤكل لحمه، وضرره أكثر من ضررها: أولى أن يكون قتله مباحا في الإحرام، قلت: قد قال مالك: لا يقتل المحرم من الطير ما ضر إلا ما سمي، وقال بعض أصحابه كان قول النبي : «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح» يدل على أن ما سواهن على المحرم في قتله جناح. قال الشافعي: أفرأيتم الحية أسميت؟ فقد زعم مالك، عن ابن شهاب: أن عمر أمر بقتل الحيات في الحرم. قلت: فيراها كلبا عقورا، قال: أو تعرف العرب أن الحية كلب عقور؟ إنما الكلب عندها السبع، والكلاب التي خلقها الله متقاربة كخلق الكلب، فإن قلتم: إنها قد تضر فتقتل، قيل: غير مكابرة كما زعم صاحبكم أن الكلب العقور ما عدا على الناس فأخافهم، وهي لا تعدو مكابرة، وإن ذهبتم إلى أنها تضر هكذا فقد أمر عمر بن الخطاب أن يقتل الزنبور في الإحرام، والزنبور إنما هو كالنحلة، فكيف لم تأمروا بقتل الزنبور وقد أمر به عمر، وأمرتم بقتل الحية إذ أمر بها عمر؟ ما أسمعكم تأخذون من الأحاديث إلا ما هويتم.

قال الشافعي رحمه الله تعالى: وقلتم: يقتل المحرم الفأرة الصغيرة ولا يقتل الغراب الصغير، وإذا قلتم هذا فقد أباحه النبي ومنعتموه، فإن قلتم: إنما أباح قتله على معنى أنه يضر، والصغير لا يضر في حاله تلك؛ فالفأرة الصغيرة لا تضر في حالها تلك، فلا بد أن تخالفوا النبي في الغراب الصغير والفأرة الصغيرة، وهذا حجة عليكم؛ أزعمتم أن الغراب يقتل لمعنى ضرره، فينبغي أن تقتل العقاب لأنها أضر منه، فإن قال: لا بل الحديث جملة لا لمعنى، قيل: فلم لا يقتل الغراب الصغير؛ لأنه غراب؟». [وانظر: الأم للشافعي (٣/ ٦٢٨ و ٦٣٣ و ٦٣٩ و ٦٤١ - ٦٥١)].

وقال المزني في مختصره (٧٢): «قال الشافعي: وللمحرم أن يقتل: الحية، والعقرب، والفأرة، والحدأة، والغراب والكلب العقور، وما أشبه الكلب العقور، مثل:

<<  <  ج: ص:  >  >>