كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٥ - كتاب المناسك - ٣٦ - باب المحرم يحتجم - ج: 28 - ص: 196

دالان على أن أبا سعيد لم يحك عن النبي ﷺ الرخصة في الحجامة للصائم، إذ غير جائز أن يروي أبو سعيد أن النبي ﷺ رخص في الحجامة للصائم، ويقول: كانوا يكرهون ذلك مخافة الضعف، إذ ما قد أباحه ﷺ إباحة مطلقاً لا استثناء ولا شريطة؛ فمباح لجميع الخلق، غير جائز أن يقال: أباح النبي ﷺ الحجامة للصائم، وهو مكروه مخافة الضعف، ولم يستثن النبي ﷺ في إباحتها من يأمن الضعف دون من يخافه، فإن صح عن أبي سعيد أن النبي ﷺ رخص في الحجامة للصائم، كان مؤدَّى هذا القول أن أبا سعيد قال: كره للصائم ما رخص النبي ﷺ له فيها، وغير جائز أن يتأول هذا على أصحاب رسول الله ﷺ أن يرووا عن النبي ﷺ رخصة في الشيء ويكرهونه».

وقال العقيلي (٢/ ٢٤٥): «وحديث أبي المتوكل ليس من حديث قتادة، إنما رواه حميد الطويل، عن أبي المتوكل»، كذا قال.

• قلت: سبق إيراد حديث خالد الحذاء، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد [تحت الحديث السابق]، وحاصله:

أن قد رواه سفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، عن خالد الحذاء، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري قال: لا بأس بالحجامة للصائم. [وهو موقوف صحيح].

• ونقلت هناك قول الدارقطني في العلل، قلت:

• وقد خالف الدارقطني جمهور النقاد في هذا الحديث؛ فقد سئل في العلل (١١/ ٣٤٦/ ٢٣٣٠)، عن حديث أبي المتوكل، عن أبي سعيد؛ أن النبي ﷺ رخص في الحجامة للصائم؟ فقال: «يرويه حميد الطويل، وخالد الحذاء، وقتادة، عن أبي المتوكل، واختلف عنهم، فأما خالد: فرواه إسحاق الأزرق، عن الثوري، عن خالد مرفوعاً.

ورواه الأشجعي، عن الثوري، فنحا به نحو الرفع، وغيرهما يرويه عن الثوري موقوفاً. [قلت: رواية الأشجعي اعتبرها النقاد من قبيل الموقوف؛ لا المرفوع، ثم إن ابن المبارك قد تابع الثوري على الوقف عن خالد الحذاء، فتبين وقوع الوهم في رواية إسحاق، وجزم بوهمه فيه البخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والترمذي، وابن خزيمة].

وأما حميد الطويل: فأسنده عنه معتمر بن سليمان، ونحا به أبو شهاب، عن حميد نحو الرفع.

ورواه إسماعيل بن جعفر، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وشعبة، وأبو بحر البكراوي، عن حميد موقوفاً. [قلت: وقد جزم بتوهيم المعتمر: أبو حاتم، وأبو زرعة، وابن خزيمة، وأشار النسائي إلى وهمه، ورواية جماعة الثقات الأثبات في الوقف هي الصواب، وهم المعتمر في رفعه].

ورواه عبد الله بن بشر، عن حميد، فوهم فيه وهماً قبيحاً، فجعله عن حميد، عن أنس، عن النبي ﷺ.