للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأشعث بن سوار]، وقد روي في بعض ألفاظه: «خمروا وجهه، ولا تخمروا رأسه» [قلت: وهي رواية شاذة، تفرد بها إبراهيم بن أبي حرة، وليس هو من جمال المحامل]، فتتعارض الروايتان، وما ذكروه يبطل بلبس القفازين». [قلت: والنهي عن لبس القفازين، هو قول ابن عمر موقوفاً عليه، وثبت عن عائشة إباحة لبس القفازين للمحرمة، وتبعها على ذلك ابن أخيها القاسم بن محمد فقيه أهل المدينة، فتعارض القولان، وقد سبق نقل قول أبي عبيد في الغريب: «أما القفازان: فالناس على الرخصة فيه، لأن الإحرام إنما هو في الرأس والوجه»].

ثم قال ابن قدامة أيضاً (٥/ ١٥٤): «مسألة: قال: والمرأة إحرامها في وجهها، فإن احتاجت سدلت على وجهها.

وجملة ذلك أن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها، كما يحرم على الرجل تغطية رأسه. لا نعلم في هذا خلافاً، إلا ما روي عن أسماء، أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة. ويحتمل أنها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة، فلا يكون اختلافاً.

قال ابن المنذر وكراهية البرقع ثابتة عن: سعد، وابن عمر، وابن عباس، وعائشة، ولا نعلم أحداً خالف فيه.

وقد روى البخاري وغيره؛ أن النبي قال: ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين [قلت: إنما هو قول ابن عمر موقوفاً عليه].

فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريباً منها، فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها. روي ذلك عن عثمان وعائشة. وبه قال: عطاء، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، ومحمد بن الحسن. ولا نعلم فيه خلافاً؛ وذلك لما روي عن عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا، ونحن محرمات مع رسول الله فإذا حاذونا، سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود، والأثرم [ولا يثبت رفعه: إنما هو موقوف على عائشة وأسماء وابن عباس].

ولأن بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها، فلم يحرم عليها ستره على الإطلاق، كالعورة.

وذكر القاضي: أن الثوب يكون متجافياً عن وجهها، بحيث لا يصيب البشرة، فإن أصابها، ثم زال أو أزالته بسرعة، فلا شيء عليها، كما لو أطارت الريح الثوب عن عورة المصلي، ثم عاد بسرعة، لا تبطل الصلاة، وإن لم ترفعه مع القدرة افتدت؛ لأنها استدامت الستر.

ولم أر هذا الشرط عن أحمد، ولا هو في الخبر، مع أن الظاهر خلافه، فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة، فلو كان هذا شرطاً لبين، وإنما منعت المرأة من البرقع والنقاب ونحوهما، مما يعد لستر الوجه.

قال أحمد: إنما لها أن تسدل على وجهها من فوق، وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل.

<<  <  ج: ص:  >  >>