قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (٢/ ٢٨٨): «وبعضهم [يعني: رواه]: عن عبد الرحمن بن يزيد عن عائشة». ولم يسنده، ولم نعرف من راويه عن عبد الرحمن.
وقال الدارقطني في العلل (١٥/ ١٤٧/ ٣٩٠٦): «وقال أبو معاوية: عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد عن عائشة».
هكذا علقه عن أبي معاوية، ولم يصل إلينا مسنداً من طريقه، وقد سبق أن بينت مراراً أن الدارقطني أحياناً يعلق الطرق ولا تثبت إلى أصحابها، وحديث أبي معاوية مبثوث في المصنفات والسنن والمسانيد؛ فأين روايته هذه؟!
وقال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه (٤/ ٤٠٨ - ط عطاءات العلم): ورواه سعيد [يعني: سعيد بن منصور]، من حديث الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: كانت تلبية رسول الله ﷺ ثلاثاً: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك». هكذا قال، ولم يذكر راويه عن الأعمش!
قلت: فلا يثبت هذا من حديث أبي معاوية، ولا من حديث الأعمش، ولو فرضنا الوقوف على إسناده المتصل؛ فيقال: هذه الرواية دخل لراويها حديث في حديث، فإن عبد الرحمن بن يزيد إنما يروي حديث التلبية عن ابن مسعود؛ لا عن عائشة.
• فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٨/ ٧٨/ ١٣٩٦٣ - ط الشثري)، قال: حدثنا أبو خالد [سليمان بن حيان الأحمر: ثقة] عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله [يعني: ابن مسعود] يعلمنا هذه التلبية: «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك».
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح، وله حكم الرفع، ويأتي تخريجه في حديث ابن مسعود، إن شاء الله تعالى.
• ورواه محمد بن فضيل [صدوق]، قال: حدثنا الأعمش عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية، قال: قالت عائشة: إني لأعلم كيف كان رسول الله ﷺ يلبي، قال: ثم سمعتها تلبي تقول: «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
أخرجه أحمد (٦/٣٢) (١١/ ٥٨١٦/ ٢٤٦٧٤ - ط المكنز). [الإتحاف (١٧/ ٦٥٦/ ٢٢٩٨٧)، المسند المصنف (٣٨/ ٧٠/ ١٨١٥٩)].
قلت: وهم محمد بن فضيل في هذه الزيادة من حديث الأعمش، ومن حديث عائشة، فقد رواه عن الأعمش: جماعة من الثقات، على رأسهم سفيان الثوري، وأبو معاوية الضرير، وشعبة [وإن خالفهم في إسناده]، وغيرهم فلم يزيدوا في آخره: «والملك، لا شريك لك»؛ وإنما تعرف هذه الزيادة من حديث ابن عمر وجابر.
• قال أبو يعلى الفراء في العدة (٣/ ٩٣٣): «ونقل عنه المروذي [يعني: عن أحمد]
