كما رَوى عبد الوهابِ بنُ عبدِ الرّحيم الجويريُّ (٢٧) في فوائدِهِ: فقالَ: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُييْنةَ، قالَ: سمعَ عَمْرو - يعني - ابنَ دينارٍ: سعيدَ بنَ المسيَّبِ يقولُ: " ذكرَ الزّنا بالشامِ، فقالَ رجلٌ: قد زنيتُ البارحةَ، فقالوا: ما تقولُ؟ فقالَ: أو حرَّمهُ اللهُ، ما علمتُ أنّ الله حرَّمهُ، فكُتِبَ إلى عمرَ، فكتَبَ: إنْ كانَ علمَ أنَّ اللهَ حرَّمهُ، فحدّوهُ، وإنْ لمْ يكنْ علمَهُ فعلّموهُ، فإنْ عادَ فحدّوهُ "، وهذا: إسنادٌ صحيحٌ إليهِ.
عن عائشةَ: أنّ رسولَ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ:" ادْرأُوا الحدودَ عن المسلمين ما استطعتمْ، فإنْ كانَ لهُ مخرجٌ فخَلّوا سبيلَهُ، فإنّ الإمامَ أنْ يُخطئَ في العفوِ، خيرٌ من أنْ يُخطئَ في العقوبةِ "(٢٨)، رواهُ الترمذيُّ من حديثِ يزيدَ بنِ زيادٍ الدِّمَشْقي عن الزُّهريِّ عن عُرْوةَ عنها، قالَ: ويزيدُ، هذا: ضعيفٌ، وقد رُويَ موقوفاً، وهو أصحُّ.
ورُويَ نحوهُ عن غيرِ واحدٍ من الصّحابةِ: أنهم قالوا، مثلَ ذلكَ.
قلتُ: ورواهُ ابنُ ماجةَ عن أبي هريرةَ مرفوعاً: " ادْفعوا الحدودَ ما وجدتمْ لهُ مَدْفعاً "(٢٩).
فيُؤخذُ منهُ: أن من وجدَ امرأةً في فراشِهِ فظنّها زوجتَهُ أو أمتَهُ، فوطِئِها، أنهُ لا يُحَدُّ.
تقدّمَ النّهيُ عن وَطءِ المرأةِ في الدُّبُرِ، وحالِ الحيضِ، فأمّا كفّارةُ وَطْءِ الحائضِ على القولِ القديمِ: فعن ابنِ عباسٍ عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " في الذي يأتي امرأتَهُ وهي حائضٌ، يتصدّقُ بدينارٍ، أو نصفَ دينارٍ "(٣٠)، كذا رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأهلُ السُّننِ، قالَ أبو داودَ: هكذا الرّوايةُ الصحيحةُ.
(٢٧) غير معجمة بالأصل، والاعتماد على تلخيص الحبير (٤/ ٦١). (٢٨) الترمذي (٢/ ٤٣٨)، والبيهقي (٨/ ٢٣٨) ورجح وقفه. (٢٩) ابن ماجة (٢٥٤٥) وفيه إبراهيم بن الفضل، ضعفوه. (٣٠) الإمام أحمد (٢/ ١٥٦) وأبو داود (١/ ٦٠) والترمذي (١/ ٩١) والنسائي (١/ ١٥٣) وابن ماجة (٦٤٠).