وسيأتي قولُهُ عليهِ السلامُ: " ليسَ فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ صدَقة " (٢)، استَدِلَّ بذلكَ للإمام الشافعيِّ على أنَّ الزكاة واجبَةٌ في كلِّ مالِ، كلِّ حرٍّ مسلمٍ، وذلك عامٌّ في كلِّ كبيرٍ وصغيرٍ، يتيمٍ أو غيرِهِ، ويُقَوِّي هذا ما رواهُ الترمِذِيُّ من حديثِ المُثنَّى بنِ الصَّباحِ عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ: " أنّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خطَبَ الناسَ، فقالَ: ألا مَنْ وَليَ يتيماً لهُ مالٌ، فليَتَّجرْ فيهِ، ولا يَتركْهُ حتّى تأكلَهُ الصّدقَةُ " (٣).
ورواهُ الدّارَقُطنيُّ من هذا الوجهِ، ومن وجْهينِ آخرَينِ، ولا يثبتُ شيءٌ منهما. وقالَ هو، والبَيْهقيُّ: الصّحيحُ أنّهُ من قولِ عُمرَ.
وقال الشافعيُّ: أخبرنا عبدُ المَجيدِ عن ابنِ جُرَيْجٍ عن يوسفَ بنِ ماهِكٍ: أنّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " ابْتَغوا في مالِ اليتيم، لا تُذهِبها الصّدقَةُ، أو لا تَسْتَهلِكها الصَّدقةُ " (٤)، وهذا مُرْسَلٌ.
(١) تقدم. (٢) رواه مسلم في حديث أطول (١/ ٣٩٠) والبخاري (٢/ ١٥٦ - ١٤٤). (٣) رواه الترمذي (٣/ ٣٢)، والدارقطني (٢/ ١١٠). (٤) رواه الشافعي (٢/ ٢٤).