قال الشافعيُّ: لمْ أعلمْ مخالفاً: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قضى بالدّيةِ على العاقلةِ، وهو أكبرُ من حديثِ الخاصةِ.
عن أبي هُريرةَ، قالَ:" اقتتلَتْ امرأتان من هُذيلٍ، فرمتْ إحداهُما الأخرى، بحجرٍ فقَتلتْها وما في بَطنِها، فاختصموا إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فقضى أنّ ديةَ جنينها: غُرَّةُ عبدٍ، أو أمَةٍ، وقضى بديةِ المرأةِ على عاقِلتِها "(١)، أخرجاهُ. وهو ظاهرٌ في أنّ ديةَ عمدِ الخطأ على العاقلة.
قالَ الزُّهريُّ:" مضَتِ السُّنةُ أنَّ العاقلةَ لا تحملُ شيئاً من دِيةِ العمْدِ، إلا أن يشاؤوا "(٢) رواهُ مالكٌ في المُوَطَّإ عنهُ.
وعن الشَّعْبيِّ عن عمرَ، قالَ:" العمدُ، والعبدُ، والصُّلحُ، والاعترافُ، لا تعقلُهُ العاقِلةُ "(٣)، رواهُ الدارَقطنيُّ، وهو: منقطعٌ، ثمَّ فيهِ: عبد الملكِ بنُ حسينٍ - وهو ضعيفٌ، قالَ البيهقيُّ: وإنَّما المحفوظُ روايةُ أبي إدريس (٤) عن مُطرِّفٍ عن الشَّعْبيِّ قولهِ، ثمَّ رَوى عن ابنِ عبّاسٍ: مثلَ ذلكَ، وحكاهُ الإمامُ أحمد عنهُ.
عن عبد الله بن عمر، قالَ: " بعثَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خالدَ بنَ الوليدِ إلى بني جُذَيْمةَ، فدعاهُم إلى الإسلامِ، فلمْ يُحسِنوا يقولونَ: أسلمنا، فجعلوا يقولونَ: صَبأْنا صَبأْنا،
(١) البخاري (٩/ ١٥) ومسلم (٥/ ١١٠). (٢) مالك (٢/ ١٨٩)، والبيهقي (٨/ ١٠٥) من طريقه. (٣) الدارقطني (٣/ ١٧٧)، والبيهقي (٨/ ١٠٤) من طريقه ورجح أنه من قول الشعبي كالمصنف هنا، وأخرجه هكذا من طريق عبد الله بن إدريس عنه من قوله. (٤) هكذا بالأصل، والصواب: عبد الله بن إدريس كما هو عند البيهقي (٨/ ١٠٤).