وقدْ رُويَ من وجهٍ آخرَ مُتّصِلاً عن سَبْرَة بنِ عبدِ العزيزِ الجهنيّ عن أبيهِ عن جدّهِ:" أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لما خرجَ إلى تبوكَ لحقتْهُ جُهَيْنةٌ (٢١)، فقالَ لهم: مَن أهلُ ذب المرْوَةِ؟، فقالوا: بَنو رِفاعةَ من جُهَيْنةَ، فقالَ: قد أقْطَعْتُها لبَني رِفاعةَ، فأقْسَموها، فمنهمْ من باعَ، ومنهم من أمسكَ "(٢٢)، رواهُ أبو داودَ (٢٣).
فدَلَّ على أن المُقطَعَ كالمتحَجّر، وإنَّ المتحجِّرَ يملكُ البيعَ، وهو أحدُ الوجهين.
عن أبي سعيدٍ عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ:" إيّاكُمْ والجلوسَ على الطّرُقاتِ، فقالوا: ما لنا بُدٌّ، إنّما هي مجالسُنا نتحدّثُ فيها، قالَ: فإذا أبيتمْ إلا المجالسَ، فأعْطوا الطريق حقَّها، قالوا: وما حقُّ الطريقِ؟، قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وكفُّ الأذى، ورَدُّ السلامِ، وأمرٌ بالمعروفِ ونهيٌ عن المنكرِ "(٢٤)، رواهُ البخاريُّ بهذا اللفظِ، ومُسلمٌ.
فدلَّ على أنَّ ما بينَ العَمائرِ من الطّرقاتِ والرّحابِ، والمَقاعدِ يجوزُ الارتفاقُ فيها لمن لا يَضرُّ بالمارّةِ.
عن أنسٍ، قالَ: " أرادَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أنْ يَقْطعَ من البحرين، فقالتِ الأنصارُ: لا، حتّى تَقطعَ لإخوانِنا المهاجرينَ من الذي تقطعُ لنا، قالَ: سترونَ بَعديَ إثرةً، فاصْبِروا حتّى تَلْقَوني (٢٦)، رواهُ البخاريُّ.
(٢١) سَقَط هنا: " بالرَّحْبةِ " كما هو عند البيهقي (٦/ ١٤٩). (٢٢) هنا أيضاً سقط، وهو كلمة: " فعمل " وهي آخر الحديث كما هي عند أبي داود (٢/ ١٥٧) والبيهقي (٦/ ٤٩). (٢٣) أبو داود (٢/ ١٥٧)، والبيهقي (٦/ ١٤٩). (٢٤) البخاري (١٣/ ١٣) ومسلم (٧/ ٣). (٢٥) أحمد (المتن ١/ ١٢٤) والبخاري (١٢/ ٢١٧). (٢٦) البخاري (١٢/ ٢٢٠).