وعن بُهَيْسةَ عن أبيها:" أنهُ قالَ: يا رسولَ اللهِ: ما الشيءُ الذي لا يحلُّ مَنعُهُ؟، قالَ: الماءُ، قالَ: يا نبيَّ اللهِ: ما الشيءُ الذي لا يحلُّ منْعُهُ؟، قالَ: الملحُ، قالَ: ما الشيءُ لا يحلُّ منعُهُ؟، قالَ: أن تفعلَ الخيرَ خيرٌ لكَ "(١٣)، رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ.
وعن أبي هريرةَ: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " ثلاثٌ لا يُمْنَعْنَ: الماءُ، والكلأُ، والنّارُ "(١٤)، رواهُ ابنُ ماجة، قالَ الحافظُ الضّياءُ: بإسنادٍ: جيِّدٍ.
ولهُ عن ابن عبّاسٍ مَرفوعاً، مثلُ ذلكَ، وزيادةُ:" وثَمنُهُ حرام "(١٥)، لكنْ في إسنادِهِ: عبدُ اللهِ بنُ خِراش بنِ حَوْشَب، وهوَ: ضعيفٌ.
فهذهِ أدلّةٌ على أنّ الماءَ لا يُمْلَكُ، وهو أحدُ الوَجهين.
عن أبي هريرةَ: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ:" منْ منعَ فضلَ الماءِ ليمنعَ بهِ الكلأَ، مَنَعَهُ اللهُ فضلَ رحمتِهِ، يومَ القيامَةِ "(١٦)، أخرجاهُ بمعناهُ فيهما:" ورجلٌ على فَضلِ ماءٍ يمنعُهُ ابنَ السّبيلِ، يقولُ اللهُ: اليومَ أمنعُكَ فَضلي كَما منعتَ فضلَ ما لم تعملْ يَداكَ "(١٧). ولمسلمٍ " لا يُباعُ فضلُ الماءِ، ليُباعَ بهِ الكلأُ "(١٨).
فدلَّ على أنهُ يجبُ عليهِ بَذلُ فضلِ الماءِ لينبتَ بهِ الكلأُ الذي تأكلُهُ البهائمُ، تقدّمَ حديثُ:" لا ضَرَرَ، ولا ضِرارَ "(١٩)، فمن تحجَّرَ أرضاً، ولم يُحييها، وطالتْ مدّتُهُ ومنعَ غيرَهُ من إحيائِها، فهوَ مُضارٌّ، فيجوزُ لغيرِه أن يُحييها، لما:
رواه البيهقيُّ من حديثِ عمْرِو بنِ شُعيْبٍ:" أنَّ عمرَ جعلَ التَّحجيرَ ثلاثَ سِنينَ، فإنْ تركَها حتَّى تَمضيَ ثلاثَ سِنين، فأحياها غيرُهُ، فهو أحقُّ بها "(٢٠)، وهذا: منقطعٌ.
(١٣) أحمد (المتن ٣/ ٤٨١) وأبو داود (٢/ ٢٤٩). (١٤) ابن ماجة (٢٤٧٣). (١٥) ابن ماجة (٢٤٧٢). (١٦) أخرجه الشافعي (٤/ ٤٩) في الأم هكذا عن مالك (٨/ ٤٦٩). (١٧) البخاري (٢٥/ ١٣٥) ومسلم (١/ ٧٢). (١٨) مسلم (٥/ ٣٥). (١٩) تقدم. (٢٠) البيهقي (٦/ ١٤٨).