ثانيًا: من الأسباب المعتبرة في عصر الصحابة على الخصوص: العلم بالسنة النبوية؛ بلوغًا وثبوتًا وفهمًا، وتعدد القراءات في الآيات، ويَقِلُّ تأثير هذين السببين في خلاف من بَعدَهم.
ثالثًا: في مقابل كثرة وقوع الخلاف من جِهَةِ تلك الأسباب يَقِلُّ أن يوجد في زمن السلف اختلافٌ سببه الجهلُ أو الهوى؛ لِقِلَّة البدعِ وأهلِها في زمانِهم، وعلى الأخصِّ في زمن الصحابة ﵃؛ فإنه أشرف العصور، (وكلما كان العصر أشرف، كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر)(٢).
رابعًا: تشتركُ جميعُ أسبابِ الاختلاف المذكورة في كونِها أسبابًا مُعتَبَرَة، والخلاف الناتج عنها له حَظٌّ من النظر، ونتيجته محتَرَمةٌ في كِلا نوعي الاختلاف: اختلاف التَّنَوعِ- وأكثرُ اختلافِهِم من هذا النوع-، واختلاف التضادّ.
وبِهذا يتبيَّنُ أثر استدراكات السلف في التفسير في بيان أصول أسباب الاختلاف فيه، وانحصارها في صُوَرٍ معدودة معتَبَرة، يرجع أكثرها إلى المُفرَدَةِ القرآنيَّةِ بدلالاتِها المُتعدِّدَة.
* * *
(١) وينظر: الدر ٣/ ٢٧١ عن ابن جريج. (٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣٢، وينظر: الموافقات ٥/ ٢٢١.