وحَمَلَ عبيدُ بن عمير (ت: ٦٨)، وعطاءٌ (ت: ١١٤) الأمرَ بالإنصات في الآية على أنه في الصلاة، واعتمدا في ذلك سببَ نزول الآية، فعن ابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس ﵃، أن بعضهم كانوا يتكلمون في الصلاة، ويُسَلِّم بعضهم على بعض، وربما قرأ بعضهم مع رسول الله ﷺ حال قراءته في الصلاة، فنَزلت الآية في ذلك، وأُمِرُوا بالإنصات (٢). ويشهد له من السنة أحاديثُ كثيرةٌ منها قوله ﷺ:(إذا قرأ الإمام فأنصتوا)(٣)، وإنكاره ﷺ على من قرأ خلفه في صلاة جهر فيها، وقوله له:(إني أقول مالي أُنَازَعُ القرآن؟)، فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله ﷺ. (٤)
* الحكم على الاستدراك:
احترام القرآن وتعظيمه، وعدم اللغو فيه، واجبٌ عند الجميع، وهو من مقتضيات الإيمان، والاستماع والإنصات لتلاوته مأمورٌ بهما كما هو ظاهرٌ من الآية، قال الزمخشري (ت: ٥٣٨): (ظاهره وجوب الاستماع والإنصات وقت قراءة القرآن، في صلاة وفي غير صلاة)(٥)، وذهب إلى هذا العموم الحسن (ت: ١١٠) في رواية، وأهل الظاهر (٦)، واختاره
(١) ينظر: البحر المحيط ٤/ ٤٤٨، والتحرير والتنوير ٩/ ٢٣٩. (٢) ينظر: جامع البيان ٩/ ٢١٦، وأسباب النُّزول (ص: ٢٢٩). (٣) أخرجه أحمد ٢/ ٣٧٦، ٤٢٠ (٨٨٧٦، ٩٤٢٨)، وأبو داود ١/ ١٦٥ (٦٠٤)، والنسائي ٢/ ١٤١ (٩٢١)، وابن ماجة ١/ ٢٧٦ (٨٤٦). وصححه أحمد، كما في التمهيد ٣/ ١٨١، ومسلم في صحيحه ٢/ ٩٣ (٦٣)، وينظر: تفسير ابن كثير ٤/ ١٥٣٥. (٤) أخرجه مالك ١/ ٨٦ (١٩٣)، وأبو داود ١/ ٢١٨ (٨٢٦)، والترمذي ٢/ ١١٨ (٣١٢)، والنسائي ٢/ ١٤٠ (٩١٩)، وابن ماجة ١/ ٢٧٦ (٨٤٨)، وإسناده صحيح، وصححه أبو حاتم، كما في تفسير ابن كثير ٤/ ١٥٣٦. (٥) الكشاف ٢/ ١٨٥، وينظر: أنوار التَّنْزيل ١/ ٣٧٤. (٦) ينظر: تفسير ابن أبي حاتم ٥/ ١٦٤٧، والمحلى ٤/ ٧٣، والتفسير الكبير ١٥/ ٨٣، وتفسير ابن كثير ٤/ ١٥٣٧.