ذهب مجاهد (ت: ١٠٤) إلى أن مسخَ الذين اعتدوا في السبت من بني إسرائيل ليس حقيقيًا ظاهريًا، وإنما هو مسخٌ معنويٌ لقلوبِهم؛ بالختم عليها والطبع، واستشهد لذلك بوصفهم في سورة الجمعة بالحمار الذي يحمل أسفارًا ولا ينتفع بِها، قال تعالى ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة ٥].
ومن جعل المسخَ هنا حقيقيًا حملَ الآيةَ على ظاهرها، وأسنَدَ ذلك بأنه أبلغ في العقوبة والنَّكال الذي جعله الله لغيرها من القرى، قال تعالى ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة ٦٦](١)، ثُمَّ هي عقوبة مناسِبَةٌ لفعلهم واحتيالهم، قال ابن القيم (ت: ٧٥١) ناقلًا عن شيخه ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (لَمَّا مَسَخ أولئك دينَ الله بحيث لم يتمسكوا إلا بما يشبه الدين في بعض ظاهره دون حقيقته، مَسَخهم الله قِرَدةً تشبه الإنسان في بعض ظاهره دون الحقيقة، جَزاءً وِفاقًا)(٢).
* الحكم على الاستدراك:
ذهب عامَّةُ المفسرين إلى أن المسخ هنا على حقيقته؛ مسخًا صُورِيًّا ظاهِرِيًّا (٣)،