ارتبطها، أو ذا رُجلَة لا مركب له) (١)، وقال ابن عطية (ت: ٥٤٦): (وقول النبي ﷺ: (فذلكم الرباط)، إنما هو تشبيه بالرباط في سبيل الله، إذ انتظار الصلاة إنما هو سبيل من السبل المُنجِية، والرباط اللغويّ هو الأوَّل- أي: ملازمة الثغور-) (٢). وأكَّدَ هذا المعنى أيضًا وروده في السنة النبوية في أحاديث كثيرة مشهورة تنطبقُ على هذا المعنى، منها: حديث أبي حازم عن رسول الله ﷺ قال: (رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها)(٣)، وحديث سلمان عن رسول الله ﷺ قال:(رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجرِيَ عليه رِزْقُه، وأمِنَ الفَتَّان)(٤).
* الحكم على الاستدراك:
في القول بأن الرباطَ بمعنى: ملازمة الثغور. أصلُ المعنى اللغوي لكلمة الرباط، نوع مُبالغة، بل هو معنىً لُغويٌ صحيح كغيره من المعاني، قال القرطبي (ت: ٦٧١) مُعَقِّبًا على قول ابن عطية (ت: ٥٤٦) السابق: (قلت: قوله: والرباط اللغويّ هو الأول. ليس بمُسَلَّم؛ فإن الخليل بن أحمد (٥) أحد أئمة اللغة وثقاتها قد قال: الرِّباط: ملازمة الثغور، ومواظبة الصلاة أيضًا. فقد حصل أن انتظار الصلاة رباطٌ لُغَويٌّ حقيقة، كما قال ﷺ، وأكثر من هذا ما قاله الشيباني (٦) أنه يُقال: ماءٌ مُترابط، أي: دائمٌ
(١) جامع البيان ٤/ ٢٩٤، وينظر: معاني القرآن، للنحاس ١/ ٥٣٠. (٢) المحرر الوجيز ١/ ٥٦٠. (٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٦/ ١٠٠ (٢٨٩٢). (٤) أخرجه مسلم في صحيحه ٥/ ٥٣ (١٩١٣). (٥) الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي الأزدي، أبو عبد الرحمن البصري، إمام اللغة والنحو، واضع علم العروض، صنف كتاب العين، ومات سنة (١٧٥). ينظر: أخبار النحويين البصريين (ص: ٥٤)، ومعجم الأدباء ٣/ ١٢٦٠. (٦) إسحاق بن مِرار الكوفي، أبو عمرو الشيباني مولاهم، لغوي راوية محدث، صنف كتاب الجيم، واللغات، وغريب الحديث، وغريب المصنف، وغيرها، مات مُعَمرًا سنة (٢١٣). ينظر: معجم الأدباء ٢/ ٦٢٥، وبغية الوعاة ١/ ٤٣٩.