عن خالد بن عرعرة (١) قال: سمعت عليًا وقيل له ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾ [آل عمران ٩٦]، هو أوَّلُ بيت كان في الأرض؟ قال:(لا، قال: فأين كان قوم نوح؟! وأين كان قوم هود؟! قال: ولكنه أوَّل بيت وُضِع للناس مُباركًا وهُدىً)، وفي لفظ:(ومن دخله كان آمِنًا)(٢).
* تحليل الاستدراك:
فَهِم السائلُ من الآية أن أوَّلَ بيت وُجِدَ على الأرض البيت الحرام بمكة، أخذًا بعموم لفظ الآية، فسألَ عليًّا ﵁ عن هذا المعنى، فذكر له خَطَأَه، واستدل عليه بوجود بيُوت كثيرةٍ قبله، ومنها بيوت الأنبياء وأممهم، ثمَّ بَيَّنَ المعنى عنده، وقال:(ولكنه أوَّل بيت وُضِع للناس مُباركًا وهُدىً- وفي لفظ: ومن دخله كان آمِنًا-)، فهي أوَّلِيَّةٌ مَخصوصة لا عامَّة، واستُفيدَ هذا التخصيص من سبب نزول الآيات، وسياقها، وورود معناها في القرآن الكريم، ودلالة السنة عليه. فرُوي عن مجاهد (ت: ١٠٤)
(١) خالد بن عرعرة التيمي الكوفي، تابعي ثقة. ينظر: الثقات، للعجلي ١/ ٣٣٠، والجرح والتعديل ٣/ ٣٤٣. (٢) أخرجه الأزرقي في أخبار مكة ١/ ٦١، وابن أبي شيبة في المصنف ٧/ ٢٥٢ (٣٥٧٩٩)، وابن جرير في تفسيره ٤/ ١١ (٥٨٦١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٠٨ (٣٨٢٩)، والحاكم في مستدركه ٢/ ٣٢١ (٣١٥٤)، والثعلبي في تفسيره ٣/ ١١٥، والبيهقي في الشعب ٣/ ٤٣٦ (٣٩٩١)، والواحدي في الوسيط ١/ ٤٦٦، والضياء في المختارة ٢/ ٦٠ (٤٣٨). من طريق سِمَاك بن حرب، عن خالد بن عرعرة. وإسناده صحيح لغيره، وصححه الحاكم. وله شاهد من طريق مجالد، عن الشعبي، عن علي ﵁، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٠٧ (٣٨٢٧)، وابن المنذر في تفسيره ١/ ٢٩٧ (٧١٦)، وعزاه ابن حجر في الفتح ٦/ ٤٧٠ لإسحاق، وصَحَّحَه.