فَسَّر زِرٌّ "الحفدةَ" في الآية بأنهم: ولد الولد، وأولادهم؛ لِصِحَّته لُغَةً، ويكفي إثبات زِرٍّ له، وهو المُخضرَم الحُجَّة. ولأنه أنسب للسياق؛ فقوله تعالى ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ [النحل ٧٢]، يفيد أن الحفدة من الزوجات، كما أن البنين كذلك (١)، وكذلك سياق الآيات قبلها في تعداد النِّعَم، ومن أسماء السورة كذلك سورة:"النِّعَم"(٢)، ورِزْقُ اللهِ عبادَه بالحفدةِ بعد البنينِ من تمام نِعَمِهِ عليهم.
وذهب ابنُ مسعود ﵁ إلى أن المراد: الأصهار، وفي لفظ: الأختان. وهما متقاربان، ولا تعارض بينهما (٣)، ومأخذه في ذلك صحة هذا المعنى لُغةً، ولا شك فقائله محضُ العرب ﵁. كما يشهد له قوله تعالى ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ [الفرقان ٥٤](٤)، فالنَّسَبُ والصِّهرُ هنا في مقابلةِ البنين والحفدة في آية النحل، وكلاهما في سياق الامتنان والتفَضُّل.
(١) ينظر: أضواء البيان ٣/ ٢٣٩. (٢) ينظر: جمال القراء ١/ ٣٦، والجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٤٤. (٣) فكلاهُما يُطلَقُ على أقارب الزوج والزوجة. ينظر: معاني القرآن، للنحاس ٤/ ٨٨. (٤) ينظر: كلام الشافعي في سنن البيهقي الكبرى ٧/ ٧٦.