كلام العرب على الأغلب، ولكن نصرف معانيها إلى الأغلب حتى تأتوا ببرهان على أنه عنى بها الأغرب، وهذا هو المذهب الذي إلى العدل والإنصاف أقرب .. ، وكذلك ظاهر القرآن وجميع ألفاظ الروايات تُصرَف معانيها إلى العموم، حتى يأتي مُتَأَول ببرهان بَيِّنٍ أنه أُريد بها الخصوص؛ لأن الله تعالى يقول ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ١٩٥]، فأَثْبَتُهُ عند العلماء أعَمُّه وأشَدُّه استفاضة عند العرب، فمن أدخل منها الخاص على العام كان من الذين يتبعون ما تشابه منه) (١).
عن ابن عباس ﵁ قال: قوله ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ [المائدة ٦٤]، ليس يعنون بذلك أن يَدَ اللهِ مُوثقَة، ولكنهم يقولون إنه بخيلٌ أمسكَ ما عنده، تعالى اللهُ عما يقولون علوًا كبيرًا) (٢).
(١) نقض الدارمي على المريسي ٢/ ٨٥٥. وينظر منه: ١/ ٣٤٤. وفي التأكيد والتمثيل لذلك ينظر: جامع البيان ١/ ٢٠٥، ٢/ ٥٣١، ٣/ ٣٠٧، ٣١١، ٥/ ١١١، ١٧٣، ٢٥٢، ٨/ ١٦٩، ١١/ ٢٠٢، ١٣/ ٧٢، ١٥/ ١٥٩، ٣٠/ ١٧، ٤٤٣، ومعاني القرآن، للنحاس ٣/ ٢١٦، وإعراب القرآن، له أيضًا ٥/ ٨٣، والتفسير الكبير ١١/ ١٠٥. (٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره ٦/ ٤٠٥ (٩٥٥٠)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٧ (٦٥٧٦). من طريق أبي صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة. وقد تقدَّمت الإشارة إلى هذا الإسناد في الاستدراك رقم (٢٥) (ص: ١٤٥). وإسناده حسن.