وذلك في قوله ﷺ:(تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)(١)، قال قتادة (ت: ١١٧): (إن في الحكمة: العمل الصالح يرفع صاحبه إذا ما عَثَر، فإذا صُرِعَ وَجَدَ مُتَّكئًا)(٢)، ورُويَ عن النبي ﷺ:(أن الملائكة سمعت دعاء يونس ﵇ في بطن الحوت، فقالوا: يا ربّ صوتٌ ضعيفٌ معروفٌ، من بلادٍ غريبة. قال: ذاك عبدي يونس. قالوا: عبدك يونس الذي لم يَزَل يُرفَعُ له عملٌ صالحٌ، ودعوةٌ مستجابةٌ؟ قال: نعم. قالوا: يا ربنا أوَلا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء، فتنجيه من البلاء. قال: بلى. فأمر الحوت فطرحه في العراء)(٣).
* الحكم على الاستدراك:
اتفق الحسن (ت: ١١٠) وقتادة (ت: ١١٧) على أن التسبيح في هذه الآية: الصلاة. وهي حقيقةٌ شرعية للفظ التسبيح، وإن كان في اللغة أشمل من ذلك (٤)، قال الراغب (ت: بعد ٤٥٠): (وجُعِل التسبيح عامًّا في العبادات قولًا كان، أو فعلًا، أو نيَّة)(٥)، وقد وافق الحسنَ (ت: ١١٠) في تفسيره هذا سعيدُ بن جبير (ت: ٩٥)، وابن جريج
(١) أخرجه أحمد ١/ ٣٠٧ (٢٨٠٤)، والترمذي ٤/ ٦٦٧ (٢٥١٦)، وأبو يعلى ٤/ ٤٣٠ (٢٥٥٦)، بألفاظ متقاربة، وإسناده صحيح، وصححه الترمذي، وابن مندة، وابن رجب. ينظر: نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي ﷺ لابن عباس، ضمن مجموع رسائل ابن رجب ٣/ ٩١، وجامع العلوم والحكم ١/ ٤٥٩. (٢) أخرجه ابن سلاَّم في تفسيره ٢/ ٨٤٤، وعبد الرزاق في تفسيره ٣/ ١٠٤ (٢٥٥٥)، وابن جرير في تفسيره ٢٣/ ١١٩ (٢٢٧١٠)، وإسناده صحيح. (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٣/ ١٠٤ (٢٥٥٨)، وابن جرير في تفسيره ٢٣/ ١١٩ (٢٢٧١١)، والبزار في مسنده، وابن أبي حاتم في تفسيره، كما في البداية والنهاية ١/ ٢١١، بأسانيد لا تخلوا من ضعف، وذكر ابن كثير أن أسانيدها يُقَوِّي بعضها بعضًا. وله شاهد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أخرجه البستي في تفسيره ٢/ ٢١٥، وإسناده حسن. وينظر: البداية والنهاية ١/ ٢١٠، ومجمع الزوائد ٧/ ٩٨. (٤) ذكر ابن عبد البر (ت: ٤٦٣) أن التسبيح في الاسم الشرعي خاصٌّ بالنافلة، والحقيقة الشرعية مُقَدَّمةٌ على اللغوية، وقاضيةٌ عليها. ينظر: التمهيد ٤/ ٣٠٠، و ٥/ ١٦، والاستذكار ٢/ ١٨١، ٢٦٥. (٥) المفردات (ص: ٣٩٢).