الكفار، كانوا يؤمنون بالله أنه الخالق، ومع ذلك يشركون الأصنام في العبادة. والإيمان- وهو التصديق بالله ﷿ لا ينافي الشرك، إنما الذي ينافي الشرك هو التوحيد، وهم كانوا يؤمنون بالله ﷿ وجودًا وخلقًا وغير ذلك، ولكن لا يوحدونه عبادةً) (١).
فالقول بأنَّ معنى الآية: إن أكثر الناس- وهم المشركون- لا يؤمنون بالله في ربوبيته إلا ويشركون غيره في عبادته. هو الراجح، وهو قول أكثر المفسرين، ومنهم: مجاهد (ت: ١٠٤)، والحسن (ت: ١١٠)، والشعبي (ت: ١٠٤)، وعكرمة (ت: ١٠٥)، وسعيد بن جبير (ت: ٩٥)، وقتادة (ت: ١١٧)، وابن زيد (ت: ١٨٢)، وعطاء (ت: ١١٤)، والضحاك (ت: ١٠٥)(٢)، ومقاتل (ت: ١٥٠)، والثوري (٣)(ت: ١٦١)، والفراء (ت: ٢٠٧)، وابن جرير (ت: ٣١٠)، وابن أبي زمنين (ت: ٣٩٩)، والقرطبي (ت: ٦٧١)، ونسبه لأكثر المفسرين، والشنقيطي (ت: ١٣٩٣). (٤)
ومن مسائل هذا الاستدراك أن حملَ معاني الآيات على العموم والظاهر المتبادر كانَ سمتًا عامًّا لدى الصحابة ﵁، وكان ذلك فيهم من أعظم أسباب التأثُّر بالقرآن الكريم؛ إذ يرى أحدهم نفسَه معنيًّا بلفظ الآية، داخلًا في خطابِها، فيثقلُ
(١) الإشارات الإلهية ٢/ ٣٣٦. (٢) تفسير ابن وهب ١/ ٩، وسنن سعيد بن منصور ٥/ ٤١١، وجامع البيان ١٣/ ١٠٠، وتفسير ابن المنذر ١/ ١٢١. (٣) سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري، أبو عبد الله الكوفي، الإمام المفسر، أمير المؤمنين في الحديث، له تفسير للقرآن، برواية أبي جعفر النهدي، توفي سنة (١٦١). ينظر: طبقات ابن سعد ٦/ ٥٣٨، و السير ٧/ ٢٢٩. (٤) ينظر: تفسير مقاتل ٢/ ١٦٥، وتفسير الثوري (ص: ١٤٧)، ومعاني القرآن، للفراء ٢/ ٥٥، وجامع البيان ١٣/ ١٠٠، ومعاني القرآن وإعرابه ٣/ ١٣١، وإعراب القرآن، للنحاس ٢/ ٢١٦، وأحكام القرآن، للجصاص ٣/ ٢٣١، وبحر العلوم ٢/ ١٧٩، وتفسير القرآن العزيز ٢/ ٣٤١، والوسيط ٢/ ٦٣٧، والوجيز (ص: ٥٦٢)، والكشاف ٢/ ٤٨٨، والتفسير الكبير ١٨/ ١٧٨، والجامع لأحكام القرآن ٩/ ١٧٨، وأضواء البيان ٣/ ٥٥.