نفى ابن عباس ﵁ أن يكون معنى الخيانة في هذه الآية: الزنا، وهو ما يسبق إلى الذهن خاصة في سياق ذكر الزوجات. وهو معنى وارد لُغةً؛ إذ مرد الخيانة إلى: خَوَنَ، وهو أصلٌ في التَّنَقُّص، قال لبيد (٣):
تَخَوَّنَها نُزُولي وارتِحالي
ومنه نقص الوفاء (٤)، (ومُخالفة الحق بنقض العهد سِرًّا)(٥)، ويعضد هذا الفهم في الآية قوله تعالى لنبيه نوح ﵇ عن ابنه ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود ٤٦].
ثم ذكر ابن عباس ﵁ أن المُراد بالخيانة هنا: خيانة الدين؛ بمخالفته، أو النفاق فيه، وهو ما ورد صريحًا عنه ﵁ في قوله:(كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما)(٦)، ولا شك في صحة هذا المعنى لغةً، قال عكرمة (ت: ١٠٥): (والخيانة
(١) هكذا قرأها ابن عباس ﵁: بنصب (عَمِلَ) و (غَيْرَ)، كما في الكامل في القراءات الخمسين (مخطوط، ص: ٢٠٤)، وجامع البيان ٢٨/ ٧٠، وهي قراءة سبعية قرأ بها الكسائي ويعقوب. ينظر: المبسوط (ص: ٢٠٤)، والإقناع ٢/ ٦٦٥. (٢) أخرجه الثوري في تفسيره (ص: ١٣٠) (٣٥٥)، وعبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٩٥ (١٢٣٤)، وسعيد بن منصور في سننه ٥/ ٣٥١ (١٠٩٢)، وابن أبي الدنيا في الصمت (ص: ١٦٠) (٢٦٩)، وابن جرير في تفسيره ١٢/ ٦٧ (١٤٠٧٠)، والحاكم في مستدركه ٢/ ٥٣٨ (٣٨٣٣)، وعزاه السيوطي في الدر ٨/ ٢١٢ للفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم. من طريق موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قَتَّةَ، عن ابن عباس ﵁. وإسناده صحيح، وصححه الحاكم. (٣) ديوانه (ص: ١٥٤). (٤) مقاييس اللغة ١/ ٣٨٥. (٥) المفردات (ص: ٣٠٥). (٦) جامع البيان ٢٨/ ٢١٧ (٢٦٧١١).