المؤمنين أنظريني ولا تعجليني، ألم يَقل الله ﷿ ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ﴾ [التكوير ٢٣]، ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم ١٣]؟ فقالت: أنا أوّل هذه الأمّة سألَ رسول الله ﷺ عن ذلك فقال: (إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خُلِقَ عليها غير هاتين المَرَّتين، رأيته منهبطًا من السماء، سادًّا عُظْمَ خَلقه ما بين السماء إلى الأرض)، فقالت: أولم تسمع أن الله يقول ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام ١٠٣]؟ أولم تسمع أن الله يقول ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشورى ٥١]؟ قالت: ومن زعم أن رسول الله ﷺ كَتَمَ شيئًا من كتاب الله فقد أعظَمَ على الله الفرية، والله يقول ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة ٦٧]، قالت: ومن زعم أنه يُخبِر بما يكون في غَدٍ فقد أعظم على الفرية، والله يقول ﴿قُلْ لاَّ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [النمل ٦٥]) (١).
* تحليل الاستدراك:
قِصَّةُ هذه الرواية:(أن ابن عباس ﵁ وكعب الأحبار اجتمعا بعرفة، فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم نزعم ونقول: إن محمدًا رأى ربَّه مرتين. قال: فكبَّرَ كعب حتى جاوبته الجبال، ثم قال: إن الله قسم رؤيَتَه وكلامه بين محمد وموسى، فكَلَّمَه موسى، ورآه محمدٌ بقلبه- وعند الترمذي: فكلمه موسى مرتين، ورآه محمد مرتين-. قال الشعبي: فأتى مسروقُ عائشةَ فقال: يا أُمَّتاه، هل رأى محمد ﷺ ربَّه؟) الحديث (٢).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٤٧٢ (كتاب ٦٥ - التفسير، باب ٥٣ - سورة والنجم، برقم: ٤٨٥٥)، ومسلم في صحيحه ١/ ٣٨٦ (كتاب ١ - الإيمان، باب ٧٧ - معنى قول الله ﷿ ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم ١٣]، برقم: ١٧٧). (٢) أخرجه الترمذي في جامعه ٥/ ٣٩٤ (٣٢٧٨)، وعبد الرزاق في تفسيره ٣/ ٢٥١ (٣٠٣٢)، وابن أبي شيبة في المصنف ٦/ ٣٣٣ (٣١٨٣٨)، وابن جرير في تفسيره ٢٧/ ٦٨، والحاكم في المستدرك ٢/ ٦٢٩ (٤٠٩٩).