قال سفيان بن عيينة:(ليس في الأرضِ صاحبُ بدعةٍ إلا وهو يجدُ ذِلَّةً تَغْشَاه، وهو في كتابِ الله. قالوا: وأين هي من كتاب الله؟! قال: أما سمعتم قولَه تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا﴾ [الأعراف ١٥٢]. قالوا: يا أبا محمد هذه لأصحاب العجلِ خاصَّةً. قال: كلا، اتلوا ما بعدها ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف ١٥٢]، فهي لكل مُفتَرٍ ومُبتَدعٍ إلى يوم القيامة)(١).
* تحليل الاستدراك:
ذهب بعضُ جلساءِ ابن عيينة (ت: ١٩٨) إلى أن الوعيد الوارد في الآية خاصٌّ بأصحابِ العجل، الذين سِيقَ الحديثُ عنهم فيها، ولا يعدوهم إلى غيرهم، فيكون المعنى: وهكذا نجزي هؤلاء المفترين الذين زعموا أن العجل إلاهُهُم. فهو تخصيصٌ لمعنى الآيةِ بحسب سياقها وقصَّتها.
فبَيَّنَ لهم ابنُ عيينة (ت: ١٩٨) من هذه الآية معنىً عامَّا، وذكر أنَّها شاملةٌ لكُلِّ مُفتَرٍ ومُبتَدِعٍ إلى يوم القيامة. وهذا العموم مأخوذٌ من لفظ الآية وهو قوله تعالى ﴿وَكَذَلِكَ﴾ [الأعراف ١٥٢]، أي: وبمثل هذا العذاب نَجزي كَلَّ مُفتَرٍ. وهو ما استدَلَّ به على من استنكر قوله.
(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره ٩/ ٩٦ (١١٧٦٦)، مُختصرًا من طريق المثنى، عن إسحاق، عن عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة. وكذا ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٧١ (٩٠٠٨)، من طريق أبي حاتم، عن محمد بن أبي عمر العدني، عن ابن عيينة. وأبو نعيم في الحلية ٧/ ٢٨١، من طريق إبراهيم بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق الثقفي، عن سوار بن عبد الله بن سوار، عن أبيه، عن ابن عيينة، واللفظ له. والبيهقي في الشعب ٧/ ٧٢ (٩٥٢٢)، من طريق أبي الحسين بن فهر المصري، عن الحسن بن رشيق، عن علي بن سعيد الرازي، عن إسحاق بن أبي إسرائيل، عن سفيان بن عيينة. وعزاه السيوطي في الدر ٣/ ٥١١ لأبي الشيخ. وإسناده صحيح لغيره.