في حاله تلك:(لا كربَ على أبيك بعد اليوم)(١). والآية الثانية شبهها واضحٌ بآيةِ الضحى، والمعنى فيها:(لقد كُنْتَ في غفلةٍ من معرفة هذا القصص والغيب، حتى أرسلناك، وأنعمنا عليك وعلمناك)(٢)، فكلا الآيتين لديه خطاب للرسول ﷺ في الدنيا.
وذهب ابنُ كيسان (ت: بعد ١٤٠) إلى أن المعنِيَّ بِها: الكافرُ إذا عاينَ الحقائق يوم القيامة. واعتمد لذلك سياق الآية بقوله:(اقرأ ما بعدها يدُلُّكَ على ذلك)، ومراده قوله تعالى ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ﴾ [ق ٢٣ - ٢٥].
وخالفهما الحسينُ (ت: ١٤١) وذهب إلى أن المَعنِيَّ بهذه الآيات: كُلُّ بَرٍّ وفاجرٍ. واعتمد في ذلك العمومَ الواضحَ من سياق الآية، فقبلها قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق ١٦]، وما بعدها وصفٌ لأحوال هذا الإنسان من حين سكرة الموت، وحتى مصيره إلى الجنة أو النار.
* الحكم على الاستدراك:
اجتمع في هذا الاستدراك ثلاثةُ أقوال، أولها: قول زيد بن أسلم (ت: ١٣٦) أن المُراد: رسول الله ﷺ. وتبعه عليه ابنه عبد الرحمن (ت: ١٨٢)(٣)، وهو أضعفُ هذه الأقوال، وقد وصفه الرازي (ت: ٦٠٤) بالنَّكارة (٤)، وضَعَّفَه ابنُ عطية (ت: ٥٤٦)، وابنُ جُزَي (ت: ٧٤١)(٥)، وبالغ أبو حيَّان (ت: ٧٤٥) فقال: (وعن زيد بن أسلم قول
(١) أخرجه البخاري في صحيحه ٧/ ٧٥٥ (٤٤٦٢). (٢) المحرر الوجيز ٥/ ١٦٢، وينظر: إعراب القرآن، للنحاس ٤/ ١٥٠، وتفسير ابن كثير ٧/ ٣٢٩١. (٣) ينظر: جامع البيان ٢٦/ ٢١٠، وتفسير ابن كثير ٧/ ٣٢٩١. (٤) ينظر: التفسير الكبير ٢٨/ ١٤١. (٥) ينظر: المحرر الوجيز ٥/ ١٦٢، والتسهيل ٤/ ١٢٠.