وما ذهب إليه من زَعَم التخصيص (١) فليس فيه مُستَمسَك، وقد أجاب عنه العلماء (٢) بِما يأتي:
أولًا: سبب النُّزول المذكور باطلٌ موضوعٌ كما سبق تخريجه.
ثانيًا: الأصل بقاء العام على عمومه، ولا يُصَارُ إلى التخصيص- فضلًا عن إرادة الخصوص- إلا بدليل صحيح صريح يتعيَّنُ المصير إليه. قال البيضاوي (ت: ٦٨٥): (مع أن حمل الجمع على الواحد أيضًا خلاف الظاهر)(٣).
ثالثًا: أن حملَ الواو في قوله ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة ٥٥] على العطف هو الأكثر، وهي المعروفة المُتبادرة في مثل هذا الخطاب (٤)، ولا دليل على أنها واو حال لا من السياق ولا من خارجه.
رابعًا: أن الآيةَ جاءت في بيان وصف المؤمنين الذين هم أهل الولاية، فوصفهم الله تعالى بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ومُداوَمَة الركوع، والتعبير بالجملة الإسمية- ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة ٥٥]- مُفيدٌ للدوام والثبات على هذا الوصف، وإكثارهم من
(١) أجمع الشيعة، وادَّعوا إجماع غيرهم على أن هذه الآية خاصَّةٌ بعليٍّ ﵁. ينظر: فقه القرآن، لقطب الدين الراوندي ١/ ١١٦، ومتشابه القرآن، للمازندراني ٢/ ٣٠، ومنهاج السنة النبوية ٧/ ٥. والرافضةُ هم أكثرُ طوائف أهل الباطل ادِّعاءً لتخصيص عمومات الكتاب والسنة، قال ابن القيم (ت: ٧٥١): (فقلَّ أن تجد في القرآن والسنة لفظًا عامًّا في الثناء على الصحابة إلا قالوا: هذا في عليٍّ وأهلِ البيت). الصواعق المرسلة ٢/ ٦٨٨. (٢) أبطل ابن تيمية دعوى الشيعة في هذه الآية من تسعةَ عشرَ وجهًا، اُستُفيدَت جملةُ الردود منها مُلَخَّصَةً. ينظر: منهاج السنة ٧/ ٧. كما أطالَ الردَّ عليهم الطوفي في الإشارات الإلهية ٢/ ١٢٢، والآلوسي في روح المعاني ٦/ ٤٥٨. (٣) أنوار التنْزيل ١/ ٢٧٥، وينظر: التفسير الكبير ١٢/ ٢٥، والإشارات الإلهية ٢/ ١٢٣. (٤) وهي أُمُّ الباب بإجماع النحاة. ينظر: رصفُ المباني (ص: ٤٧٣)، ومغني اللبيب ١/ ٦٦٥، والأشباه والنظائر، للسيوطي ٢/ ١١٨، والأمهات في الأبواب النحوية (ص: ٢٤١).