اعلم أن المسح على الخفين جائز بالسنة، والأخبار فيه مستفيضة حتى قيل: إن من لم يره حقًا كان مبتدعًا، كذا في (الهداية)(٢)، وقد صرح جمع من الحفاظ بأن حديث المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوز الثمانين، منهم العشرة المبشرة، وقال ابن عبد البر: لا أعلم أنه روي عن أحد من فقهاء السلف إنكاره، كذا في (المواهب اللدنية)(٣).
ونقل الشُّمُنِّي عن ابن عبد البر أنه قال: روى المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة، وروي عن أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: ما قلت بالمسح على الخفين حتى جاءني فيه آثار مثل ضوء الشمس، وقال أبو يوسف: خبر المسح يجوز به نسخ الكتاب لشهرته، وقال الكرخي: أخاف الكفر على من لم ير المسح على الخفين، لأن الآثار التي جاءت به في حيز التواتر، وقال الحسن البصري: أدركت سبعين نفرًا من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كلهم يرون المسح على الخفين.
وروى الجماعة من حديث جرير أنه قال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بال ثم توضأ
(١) قال في "المرعاة" (٢/ ٤٢٦): ما وجدت الحديث في "مسنده" لا في مسند البراء، ولا في مسند جابر. (٢) "الهداية" (١/ ٣٠). (٣) "المواهب اللدنية" (٤/ ٤٢).