وقوله:(من عقد لحيته) الأكثرون على أن المراد تجعيد اللحية بالمعالجة (١)، وإنما كره ذلك لأنه فعل من ليس من أهل الدين وتشبه بهم، وقيل: كانوا يعقدون في الحروب في زمن الجاهلية تكبرًا وتعجبًا فأمروا بإرسالها، وذلك من فعل الأعاجم، وقيل: عقد لحيته وغطى وجهه حتى لا يعرفه الناس ليقطع الطريق، قال التُّورِبِشْتِي: يفتلونها، وقيل: كان من عادة العرب أن من له زوجة واحدة عقد في لحيته عقدة صغيرة، ومن كان له زوجتان عقد عقدتين، وقيل: صوابه من عقد لحاء، مِنْ لحوت الشجرة إذا قشرته، وكانوا يعقدون لحاء الحرام فيقلدونه أعناقهم فيأمنون به، وهو المراد من قوله تعالى:{وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ}[المائدة: ٢] كذا في (مجمع البحار)(٢) والأول هو الوجه.
وقوله:(أو تقلد وترًا) قيل: إنهم كانوا يعقدون في أعناق الخيل أوتار القسي لئلا تصيبها العين، فنهى عن ذلك؛ تنبيهًا على أنها لا ترد شيئًا، وهذا تأويل مالك رحمه اللَّه، وقيل: إنه نهى عن ذلك حذرًا عن اختناق الخيل عند شدة الركض، أو لأنها
(١) قال في "المرقاة" (٢/ ٦٧): وهذا مخالف للسنة التي هي تسريح اللحية. (٢) "مجمع بحار الأنوار" (٣/ ٦٤٠).