السبتية، فقال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يلبسها، وإنما اعترض عليه؛ لأنه كان عادتهم لبس النعال بالشعر غير مدبوغة؛ ولأنها نعال أهل النعمة والسعة.
وقوله:(ويصفر لحيته بالورس والزعفران) الورس: نبات أصفر يصبغ به، وفي (القاموس)(١): نبات كالسمسم ليس إلا باليمن، يزرع فيبقى عشرين سنة، ورّسه توريسًا: صبغه به، وقد علم أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يخضب ولم يبلغ شيبه حد الخضاب، وهو الصحيح المختار عند جمهور المحدثين، وقد جاء في أحاديث كثيرة، وما جاء على خلافه فله محامل وتأويلات قد عرفت، وقال صاحب (سفر السعادة)(٢): إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصبغ شعره قطّ، وإذا كان يستعمل الطيب كثيرًا حسبوه مخضوبًا، انتهى. فالمراد بقوله: يصفر لحيته بهما أنه كان يستعملهما فيها ويغسلها بهما تنظيفًا وتطهيرًا، ولما كان شعره -صلى اللَّه عليه وسلم- أسود لم يصبغ به؛ لأن الأسود لا يقبل لونًا آخر، وكذا سمعت من الشيخ رحمه اللَّه، وأما ابن عمر لما كان شيبه أبيض وكان يستعمل الصفرة اتباعًا له -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصبغ به شعره، وكان الصحابة يخضبون بالحمرة وبالصفرة كما جاء في الأحاديث، أما هو -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يخضب قط، واللَّه أعلم.
وقوله:(وكان ابن عمر يفعل ذلك) أي: يصفر اللحية بالورس والزعفران، والأولى أن يكون إشارة إلى مجموع ما ذكر من لبس النعال السبتية وتصفير اللحية كما جاء في الأحاديث، ورويناه في (كتاب الشمائل).